للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحم الله كرفا فقد كان شاعرًا فحلاً

ولمحمد المهدي مجذوب رحمه الله تعالى (١٩١٨ - ١٩٨٢) قصيدة بعنوان «اللغة حجاب (١)» نوردها هنا كاملة لأنها تتناول موقفًا له بما نال من ثقافة عصرية من درسه الإنجليزية والمنهج الحديث في المدارس العصرية إلى كلية غوردون وقد كان والده الأستاذ محمد مجذوب جلال الدين من كبار أساتذة العربية فيها، وبما نشأ عليه من ثقافة دينية عربية عريقة في أهل بيته- قال:

سئمت من لغة الإعراب قيدني ... فيها بياني من حفظ وإملاء (٢)

لم يشفها الزيت غرافًا وما برحت ... تذري المدامع في أطلال أسماء (٣)

أرح قوافلها الحسرى بمنزلة ... لا في الجزيرة أو في تيه سيناء

جرحى ينوح وراء الروح منتظرًا ... إطلاق نفسي من أمسي وإبرائي

أشتاق صوتي لا ما كنت آخذه ... من صوت غيري لا يدري بأبنائي (٤)

أجهر بنفسك وانفض ما شعرت به ... ولا تبال بأفعال وأسماء

واسمع بسمعك صوتًا تستريح له ... كما تبسم وجه البدر في الماء

هل يمسك الشعر ميزان يكيل به ... مقلدون بلا وحي وإصغاء

مضى ابن أحمد محمودًا ومن ورثوا ... أوزانه الآن مثلي غير أكفاء (٥)

سمى البحور تعالى البحر عن صفة ... وعن قواف تحاكي عي فأفاء

حتام أذهل في آثار شاردة ... وكيف أعقد آفاقًا بإرشاء

إني وثبت مع العميان أحسبني ... لا أستقر على أحضان ظلماء


(١) ديوانه «تلك الأشياء»، بيروت، ١٩٨١ ص ٢٨٢.
(٢) الإعراب بكسر الهمزة وفي الديوان الهمزة فوق الألف وهو خطأ مطبعي.
(٣) غرافًا بالغين المعجمة ولو كانت بالمهملة لكان المعنى أيضًا مستقيمًا كقول عروة بن حزام.
جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف نجد أن هما شفياني
ولو كان الشاعر رحمه الله أراد المهملة لكان قد جعل القافية عفراء مكان أسماء لأنها صاحبة عروة.
(٤) أشتاق لازم ومتعد، اشتقت الشيء وإلى الشيء.
(٥) أكفاء أي نظراء اهل لأن يكونوا أزواجًا للأوزان وإيقاعها وكفء مثلثة الكاف وبضمها وكأمير وسفينة وكساء، ذكر ذلك في هامش القاموس وقريب منه في تفسير الإخلاص عند الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>