للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيد بنفسي لا أنفك أضربه ... حتى أسالم في جنبي أعدائي

نشأت في اللغة الفصحى مقدسة ... حتى اكتهلت وما فارقت صحرائي

مقدسة، لبدئها بحفظ القرآن وحرصها على قيم بلاغته. وفارقت صحرائي أي بلدي الدامر التي وصفها بوركهاردت وبروس وأعجبوا بما فيها من سخاء وعلم وفضل وشيم نبيلات.

أتعرف العرب الأمجاد في بلد ... به تحطم معراجي وإسرائي

الأمجاد صفة للعرب أي هل تحس من عرب ماجد في هذه العاصمة الكافرة، في هذا العصر الحديث؟

القصيدة رصينة ولكن انفعال عاطفة الشاعر فيها غير شاف لما خالطه من شك وتهيب وجسارة يخالها غموض. بهذا هذه القصيدة من أجود أنواع التعبير عن مشكلة العارف بهذه اللغة المتذوق لروائعها إزاء ما يحيط به من فتنة محاربتها والتنكر لأساليبها- هذا الذي قارب شاعرنا المهدي التصريح به في قوله:

(أتعرف العرب الأمجاد إلخ) قد صرح به تصريحًا فيه حمية أهله الجعليين حيث قال في قصيدة عنوانها «يوم الماهية»: (١)

وقفت إلى الصراف والدين واقف ... بكشف كحبل البئر أهوى إلى الورد

(كان الناس إلى عهد قريب لا يعرفون الماء عندنا إلا من الآبار)

سلامًا على الصرف أضحى أصابعًا ... تراقص بين الخضر والحمر والربد

كان المهدي محاسبًا فنظره إلى الصراف عن مراقبة عارفة والخضر أوراق الجنيه والحمر والربد ما دونها إلى قطع البرونز

أوقع في كشف المواهي فليتهم ... وقد نقدوا صانوا حيائي من النقد

أي وقد أعطوني النقد، والنقد الثانية أي الطعن والوخز والعيب لأن في فرض التوقيع نوعًا من إذلال

أقلب أوراقًا وصفرًا وفضة ... أعد فلوسي كم خسرن على العد

صكوك بلوناها طويلاً وضيعت ... هداي وسماني أولو الرشد بالمهدي

أكل غنى بات في الناس آمرًا ... يجوز له أكل الجهود بلا جهد

ورب جنيه بات عندي أصره ... يطير إلى البنيان طاروا إلى الهند

البنيان طائفة من الهندوس كان منهم بالسودان تجار كثيرون وما زالت منهم بقية ويظهر أن صلتهم بهذه البلاد ضاربة في القدم.


(١) تلك الأشياء ص ١٦٨ - ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>