للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدفع رشاش لن يضيع في الجدران الضخمة كبير شيء ولكن عسر أن تصيب طلقة منه السردار نفسه. وفي الصبح جاء الضابط المسئول (١) فطلب عهدة الذخيرة وعدها كما يتطلب ذلك نظام الفرنجة الدقيق، فغضب الشاعر على الصاغ البريطاني غضبة مضرية- قال وهو قصص جيد ذو حيوية وروح فكاهة ساخرة مع النمط العربي الرصين

عجبت لنفسي في قيودي محاربًا ... على النيل والسردار في القصر يكمن

ويا مدفعي الصخاب لودرت دورة ... عليه شفاني قصره وهو مثخن

ألم نحتمل غوردون رأسًا بحربة ... لخا صيحة بالنصر والفخر تعلن

ويا كسلا صبرًا ولا بأس إنها ... حروب وإني بالمقادير مؤمن

وقعت كسلا في قبضة الطليان، فقوله: «ولا فرق» أي كله استعمار،

ولا بأس أن نشقى بحرب لعلها ... تدك بلاد الإنجليز وتدفن

وصبحني في أول الصبح ميجر ... يعد رصاصي وهو للعد محسن

هذه شهادة المحاسب والشاعر المراقب

فصحت به حاربت عنك فهل ترى ... أبيع رصاصي وهو صنف مدون

وهذه غضبه وطني وحجة مدني إداري، وما حارب هوعن البريطاني حقًا ولكن عن وطنه.

فقام ولم يغضب وسلمت عهدتي ... إليه وحياني الكدوس المدخن

كان رئيس المصلحة التي كان يعمل فيها المهدي الميجر «فلي» فيجوز أنه كان الميجر الذي عد الرصاصات المائة وخمسين رصاصة كما بين الشاعر من بعد، ويجوز أنه يكون قد جاء «ميجر» حربي وعدها بحضرة الميجر «فلي» ولكن السياق يدل على أن الذي تولى ذلك هو «فلي» وكان إداريًا حازمًا ووصفه الشاعر هنا ببرود وتعال ومظهر تهذيب- حياه، ولكن بنزع غليونه من فمه حينًا يسيرًا

ليسقط «فلي» وليعل في الحرب هتلر ... فقوموا بني السودان فادعوا وأمنوا

كما كان يدعو فقراء الدمراء ويؤمنون كلما حزبهم أمر يخشونه، يقرأون يس أربغين ومائة وألفا- آمين آمين كل منهم يؤمن بعدد ما قرأ ثم اكتمل العدد أذن «الفكي» الكبير ءآمين


(١) أي صاغ أو رائد كما يقال الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>