تأمل الموازنة بين استشفاعه بخالد بن يزيد، واستشفاع يزيد بن المهلب بسليمان بن عبد الملك وابنيه، ثم ما حلى به كلامه من الإشارة إلى كعب بن مامة وحاتم طي وعبيد بن الأبرص، ثم إغرابه في تشبيه القطيعة بالسهم، وترشيح هذا التشبيه البليغ بالترع وبالريش ثم جعل هذا الريش لا ريشاً من النوع المألوف ولكن ريشاً عاطفياً عقلياً مخلوقاً من العقوق، ثم انظر في أمثاله «وإذا أراد الله» وما أتبعها به من اللفتة؟ ؟ ؟ البارعة في قوله (١):
لولا التخوف للعواقب لم تزل ... للحاسد النعمى على المحسود
ثم بعد ذلك انظر إلى هذا التغني الرصين العالي من أبي تمام بمدح شعره- هذا التغني المتخير من الألفاظ الجزلة والمحور الرائعة- صورة الطعنة النجلاء من صاحب الثأر-[كأنما كان ينظر أبو تمام في هذا إلى قول قيس بن الخطيم:
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر ... لها نفذ لولا الشعاع أضاءها
(١) يقول: للحاسد فضل على المحسود لأنه ينبه على فضائله، ولكن تنبيه هذا صادر عن سوء نية وطوية ولولا سوء نية الحاسد، وما تجره عليه هذه النية الفاسدة من عواقب سيئة كغضب الله مثلاً، لحكمنا أنه صاحب فضل ونعمة على المحسود ولقلنا أن في الحسد لونا من ألوان الفضيلة.