الموتورة: هي نعمة الله التي كانت عند الأفشين فكفرها. فكفرانه لها جعلها موتورة، فشكته إلى الله، فهب ليدرك بثأرها من ظالمها- تأمل هذا الإغراب الفكري ثم انظر كيف لاءم الشاعر بينه وبين هذا الخرف اللفظي «وكفى برب الثأر مدرك ثار».
صادي أمير المؤمنين بزبرج ... في طيه حمة الشجاع الضاري
مكراً بني ركنيه إلا أنه ... وطد الأساس على شفيرٍ هاري
وفي هذا إشارة لكلام الله في سورة التوبة (١).
حتى إذا ما الله شق غباره ... عن مستكن الكفر والإصرار
ونحا لهذا الدين شفرته غداً ... والحق منه قانئ الأظفار
أتسحب أن لو كان المعتصم ملك من أعنة البلاغة ما ملكه سحبان أكان يستطيع أن يدافع عن إيقاعه بالأفشين بأبلغ من دفاع أبي تمام هذا؟
هذا النبي وكان صفوة ربه ... من بين باد في الأنام وقار
قد خص من أهل النفاق عصابة ... وهم أشد أذى من الكفار
واختار من سعد لعين بني أبي ... سرح لوحي الله غير خيار
حتى استضاء بشعلة السور التي ... كشفت له حجباً عن الأستار
وهنا يشير الشاعر إلى قصة استكتاب النبي لعبد الله بن سعد بن أبي السرح، فجعل هذا يبدل الآيات ويزعم أن محمداً لم يكن يبالي بتبديلها، وقد كان هذا طعناً خطيراً في صدق النبي، إذ معناه أن القرآن ليس بمنزل، وإنما كان يزوقه محمدٌ ويبدل فيه ويغير كما يفعل المؤلفون والكتاب. فلما بلغ النبي ذلك عنه أهدر دمه، ولم ينقذه
(١) قوله تعالى «أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير، أم من اسس بنيانه على شفا جرف هار» الآية ١٠٩.