للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى به ما لم يكن يومًا رأى ... عمرو بن شأس قبله بعرار (١)

فإذا ابن كافرة يسر بكفره ... وجدًا كوجد فرزدق بنوار (٢)

وإذا تذكره بكاه كما بكى ... كعب زمان رثى أبا المغوار (٣)

هذه الإشارات إلى عمرو بن شأس والفرزدق وكعب الغنوي ليس المراد فيها التوضيح وضرب المثل، كما في الإشارات التي سبقت في أول القصيدة: وإنما أراد بها أبو تمام أن يريح السامع -من العنف الذي كان سمعه- شيئًا من الإراحة. وهي من هذه الناحية تخدم غرضًا معاكسًا لذلك الذي خدمته الإشارات التي في أول القصيدة، إذ تلك أراد الشاعر أن يهيء بها السامع لما خبأه له من عنف ووحشية من وصف النار والحريق.

وقال في شيء من العنف كيلا يخيل إليك أنه قد ضعفت منته، أو خارت ملكته أو نسي غرضه:

دلت زخارفه الخليفة أنه ... ما كل عود ناضر بنضار

يا قابضًا يد آل كاوس عادلا ... أتبع يمينًا منهم بيسار

ألحق جبينا داميا رملته ... بقفا وصدرًا خائنًا بصدار

واعلم بأنك إنما تلقيهم ... في بعض ما حفروا من الآبار

ثم انتقل الشاعر إلى الترويح، ومن بعده إلى عرض صورة المصلوب في غير ما بشاعة ومع تلطف وتعاط للفكاهة:

لو لم يكد للسامري قبيله ... ما خار عجلهم بغير خوار


(١) عمرو بن شأس كان كلفا بابنه عرار، وكان أسود وكانت زوج عمر وتبغضه، فطلقها عمرو من أجله وقال "أرادت عرارا بالهوان ومن يرد" الأبيات، وهي حماسية مشهورة ثم ندم وتبعتها نفسه.
(٢) وجد الفرزدق بنوار مشهور.
(٣) أبو المغوار هو الذي رثاه كعب بن سعد الغنوي ببائيته المجمهرة المشهورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>