للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمود لو لم يدهنوا في ربهم ... لم ترم ناقته بسهم قدار (١)

ولقد شفى الأحشاء من برحائها ... أن صار بابك جار مازيار

ثانيه في كبد السماء ولم يكن ... لاثنين ثانيًا إذ هما في الغار

بتسهيل همزة إذ. وهذه جراءه من أبي تمام

وكأنما ابتدرا لكيما يطويا ... عن ناطس خبرًا من الأخبار

سود اللباء كأنما نسجت لهم ... أيدي السموم مدارعًا من قار

بكروا وأسروا في متون ضوامر ... قيدت لهم من مربك النجار

لا يبرحون ومن رآهم خالهم ... أبدًا على سفر من الأسفار

كادوا النبوة والهدى فتقطعت ... أعناقهم في ذلك المضمار

ثم انتقل أبو تمام بعد ذلك إلى ذكر ولي العهد فأحسن، وبحسبنا هذا القدر من رائيته هذه العصماء.

وأحسب أن القارئ وجد في هذه القصيدة ما ذكرناه آنفًا من أن أبا تمام يفكر ويتعمق ولكنه يتغنى بهذه الأفكار ويترنم بها ترنما ٠ فطورًا يحلو لي، وتارة يعبث، وآنًا يمر، وهو في كل ذلك لا يفارق التغني.

ومن عجيب خصائص الكامل أنه من أصلح البحور لإبراز العواطف البسيطة غير المعقدة كالغضب والفرح والفخر والمحض، وما إلى ذلك. ورائية أبي تمام التي ذكرنا، مثال واضح لذلك، فقد أفصح فيها الشاعر عن الشماتة والحقد والانتقام أيما إفصاح.

وقريب من غناء أبي تمام الوحشي في هذه القصدة ما صنعه في لاميته:


(١) قدار بن سالف: عاقر الناقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>