للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آلت أمور الشرك شر مآل ... وأقر بعد تخمط وصيال (١)

وقد تحدث فيها عن انتصار الخلاقة على بابك الخرمي.

ولمذهب أبي تمام في القصيدة الرائية نظائر يجدها المتأمل في بعض نتف الأوائل، من ذلك قول باعث بن صريم اليشكري (٢):

سائل أسيد هل ثارت بوائل ... أم هل شفيت النفس من بلبالها

إذا أرسلوني مائحًا لدلائهم ... فملأتها علقا إلى أسبالها

آليت أثقف منهم ذا لحية ... أبدًا فتنظر عينه في مالها

وخمار غانية عقدت برأسها ... أصلا وكان منشرًا بشمالها

وعقيلة يسعى عليها قيم ... متغطرس أبديت عن خلخالها

ولكن هنا جفوة وقحة لا تجد مثلها في لفظ أبي تمام المهذب.

ومما يقارب مذهب أبي تمام في التغني بالنصر, ويخالفه في هجران الشماتة والقصد إلى النبل دون الشراسة الحيوانية قول عنترة (٣):

ومشك سابغة هتكت فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة معلم

بطل كأن ثيابه في سرحة ... يحذى نعال السبت ليس بتوأم


(١) ديوانه ١٩٦.
(٢) من شعراء الحماسة. وائل هذا أخوه كان جبيا في أسيد (من بطون تميم) فغدروا به وألقوه في بئر وجعلوا يطوفون حوله ويتغنون: "يا أيها المائح دلوي دونكا" حتى مات. فهذا قول باعث: "إذ أرسلوني مائحا البيت". قوله أثقف: يعني أصادف. وقدر قبله حرفا نفي، لأن القسم كثيرًا ما يحذف معه النفي وقوله "وخمار غانية" يعني رب غانية من قومي كشفت عن رأسها من الفزع، فلما رأتني أكثر على العدو اطمأنت، وعاد إليها حياؤها فلبست خمارها. وقوله "وعقيلة البيت" يعني من غيره قومه. والمعنيان يدوران كثيرًا في شعر العرب.
(٣) من المعلقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>