اللفظي، ثم يجد هذا العبث يمدحه النقاد ويرفعونه إلى أعلى الدرجات. اللهم غفرا!
فالدكتور طه حسين -وهدك من ناقد- يقول عن ديوان أبي الوفا -وهذه المسمطة منه-؛ إنه خال من الشعر، وإنه على خلوه من الشعر لا يخلو من سوء النظم وفساده واضطرابه الذي لا يطاق. ولولا أن الظروف السياسة ... قد حملت جماعة من الناس على أن يشيدوا بأمر صاحب هذا الديوان، ويسرفوا في ذلك إسرافًا شديدًا، لما استطاع كلام كهذا الكلام أن يوصف بالشعر، وأن يرقى إلى مرتبة الكلام الذي يوصف بجودة النظم، واستقامة الوزن، وحسن الانسجام. فأنت تستطيع أن تقرأ الديوان من أوله إلى آخره دون أن تظفر فيه ببيت واحد، فضلا عن مقطوعة، فضلا عن قصيدة، يثير من نفسك هذا الرضا الذي يثيره الشعر العالي، أو يبعث من نفسك هذه اللذة التي يبعثها الفن الجميل" أهـ. "حديث الأربعاء دار المعارف ٣ - ٢١٣".
وفي هذا الذي ذكرناه عن التسميط حجة قاطعة في أنه لا يحل مشكلة الشعراء المعاصرين، الذين يشنأون القافية الموحدة ويرومون تبديلها. فدعنا ننظر في مسألة الشعر المرسل إذن.
من المعلوم أن الشعر المرسل كان نادرًا عند العرب، ولعله لم يرد إلا في المكفآت (وسيأتي الحديث عن الإكفاء) وأقرب شيء إليه فيما سوى ذلك المقصورات، وهي قصائد أحرف الروي فيها ألفات لينة. وقد كانت المقصورة قليلة عند الأوائل لا تكاد تجد لها أمثلة طويلة (والنادر لا حكم له). وراجت سوقها عند المتأخرين حتى طولوا فيها جدا، من ذلك ما فعله ابن دريد في كلمته المشهورة:
يا ظبية أشبه شيءٍ بالمها
وجياد المقصورة قليلة جدًا. وكلمه ابن دريد -على إطناب بعض الناس في مدحها- من متكلف الكلام عندي، وليس فيها شعر حق إلا قوله: