للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن هانئ الأندلسي والشريف الرضي. أما محمد بن هانئ فكان يكثر منه، وكان يسلك مسلكم الفخامة يخلطه بكثير من الصناعة اللفظية ومحاكاة أهل الترقيق. وقد يخيل لك أن المبالغة أظهر عناصر شعره، وأنه ليس تحت كلامه من طائل سوى الجلبة والرنين، وهذا كان رأي أبي العلاء المعري فيه. ولعمري إن هذا وحده -إن سلمنا ليس لابن هانئ من الإجادة نصيب سواه- ليس مما يحتقر. وبحسبي هنا أن أورد طرفًا من كلمة له رائية اختارها له ياقوت في كتابه إرشاد الأريب (معجم الأدباء). قال يمدح المعز (١):

فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر ... وأمدكم فلق الصباح المسفر

وجنيتم ثمر الوقائع يانعا ... بالنصر من ورق الحديد الأخضر

وضربتم هام الكماة ورعتم ... بيض الخدور بكل ليث مخدر

أبني العوالي السمهرية والسيو ... ف المشرفية والعديد الأكثر

من منكم الملك المطاع كأنه ... تحت السوابغ تبع في حمير

القائد الخيل العتاق شوازبًا ... خزرًا إلى لحظ السنان الأخزر (٢)

شعث النواصي حشرة آذانها ... قب الأياطل داميات الأنسر (٣)

تنبو سنابكهن عن عفر الثرى ... فيطأن في خد العزيز الأصعر

ألا تجد لهذا الكلام طنةً ورنة؟ أم لا تسمع فيه أجراسًا تصلصل، ودفوفًا تنقر، وجلبة تكاد تمثل لك رقص الخيل في معرض حربي؟

جيش تقدمه الليوث وفوقه ... كالغيل من قصب الوشيج الأسمر


(١) معجم الأدباء ٩٣: ١٩.
(٢) شوازب: ضمر. خزر جمع أخزر وهو الناظر بمؤخر عينه. والتخازر في النظر ضرب من الكبرياء واحتقار الغير، ولذلك جعل لحظ السنان أخزر.
(٣) حشرة الآذان: دقاقها. قب الأياطل: ضامرات البطون. الأنسر في الحوافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>