للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الشاعر ومن أجله نظم ولم يزل في أثناء القصيدة يذكر السامع أنه محتفظ به، حجة قوية (١).

وقد قرأت عينية أبي ذؤيب مرارًا مع قوم ممن يفهمون شعر العرب فوجدتهم جميعًا يحطون معي. ولتكميل حجتي أمامك أيها القارئ الكريم أعرض عليك ما آخذه عليها، موجزًا في لك ما استطعت:

تذكر أني قلت لك إني أنعي على أبي ذؤيب فيها تقليده الأعمى لشعراء هذيل في وصف هلاك الأوابد وما بمجراها. وهذا أسلوب تجده عند صخر الغي وغيره. ومن آيات التقليد عند أبي ذؤيب - (ومع التقليد الصناعة) - استكراهه لكثير من التعابير، مثال ذلك قوله:

حتى إذا جرزت مياه رزونه ... وبأي حين ملاوة تتقطع

ذكر الورود بها وشاقي أمره ... شؤم وأقبل حينه يتتبع (٢)

المعنى كثير مطروق في الشعر الجاهلي. يعطش الحمار ويتذكر الماء. وبالماء كما قال ربيعة بن مقروم الضبي (٣):

وبالماء قيس أبو عامر ... يؤملها ساعة أو تصوما


(١) هذا لا يناقض قولنا إننا لا نقول بمذهب الوحدة الموضوعية في القصيدة. ذلك بأننا نجد جياد القصائد مما خلفته لنا العرب تتناول أغراضًا مختلفة. وشرطنا الذي نمسك به أن تكون في القصيدة وحدة روحية عاطفية. فقد يصوغ الشاعر قصيدته صياغة حزينة، ولا يمنعه ذلك من وصف الطبيعة وغيرها، ويكون روح الحزن مع باديا في كل غرض يطرقه.
(٢) جرزت: غارت. والرزون: أماكن في الجبل يكون فيها الماء، المفرد رزن بكسر الراء وضمها والجمع رزون ورزان. وبأي حين الخ معناه: ويا لك من حين ينقطع فيه الماء! - قوله شاقي أمره فاعله من الشقاء- هكذا فسره الأنباري.
(٣) المفضليات: ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>