للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر إلى قوله يصف قرني الثور وهو ينازل الكلاب:

فكأن سفودين لما يقترا ... عجلاً له بشواء شرب ينزع (١)

قوله لما يقترا: يعني به أنه لم يشتو بهما فيقترا، أي فيكون لهما قتار، وهو رائحة اللحم. وكل ما أراده هو تشبيه قرني الثور بالسفودين. وهذه سرقة فاضحة من النابغة حيث يقول:

كأنه مارقاً من جنب صفحته ... سفود شرب نسوه عند مفتأد

وقول النابغة: «نسوه عند مفتأد» (والمفتأد: مكان الاشتراء) بليغ جداً، فانه يدل على أن القرن خرج ملطخاً بدم الجوف وفرثه، متسخاً كأنه سفود ترك في محل اشتواء فتراكم عليه الوسخ والصدأ.

وانظر إلى قوله:

فرمى لينقذ فرها فهوى له ... سهم فأنفذ طرتيه المنزع

والمنزع هو السهم. فانظر إلى هذا العمل، ووجه القول «فهوى له سهم فأنفذ طرتيه» وإنما جاء بالمنزع للقافية.

وقوله في وصف الفرس:

قصر الصبوح لها فشرج لحمها ... بالني فهي تثوخ فيها الإصبع

غاية في التقصير، وقال الأصمعي: «هذا من أخبث ما نعت به الخيل، لأن هذه لو عدت ساعة لانقطعت لكثرة شحمها، وإنما توصف الخيل بصلابة اللحم» (٢)


(١) أي فكأن سفودين عجلاً لهذا الثور بشواء.
(٢) المفضليات الكبير ٨٧٨ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>