عيسى سبيلك رحمة ومحبة ... في العالمين وعصمة وسلام
ما كنت سفاك الدماء ولا امرأ ... هان الضعاف عليه والأيتام
يا حامل الآلام عن هذا الورى ... كثرت عليه باسمك الآلام
هذا كلام شريف جداً يزين لفظه معناه. وتشيع فيه غضبة حرة، من ذلك الغضب الذي يعده الغزالي ضرورياً لمن يريد أن يعبد الله بحق، ويعرفه حق معرفته. ثم يقول شوقي بعد فترة:
خلطوا صليبك والخناجر والمدى ... كل أداة للأذى وحمام
قوله «كل أداة .. الخ» تهافت بلا ريب. وكذلك قوله «كأنهم أغنام».
أو ما تراهم ذبحوا جيرانهم ... بين البيوت كأنهم أغنام
كم موضع في حجر نعمته غدا ... وله على حد السيوف فطام
وصية هتكت خميلة طهرها ... وتناثرت عن نوره الأكمام
هذا عندي أشرف وأجود من قول علي بن العباس الرومي في فتيات البصرة المغتصبات حينها أغار عليهن الزنج:
كم فتاة بخاتم الله بكر ... فضحوها جهراً بغير اكتتام
وهل الجهر إلا غير الاكتتام؟ ونرجع إلى شوقي:
وأخي ثمانين استبيح وقاره ... لم يغن عنه الضعف والأعوام
وجريح حرب ظامئ وأدوه لم ... يعطفهم جرح دم وأوام
ومهاجرين تنكرت أوطانهم ... ضلوا السبيل من الذهول وهاموا
السيف إن ركبوا الفرار سبيلهم ... والنطع إن طلبوا القرار مقام
يتلفتون مودعين ديارهم ... واللحظ ماء والديار ضرام