للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أخذ شوقي بعد هذا في وصف رائع لمشهد الضحية التي كان يقدمها الأوائل للنيل، وضف لو كان ظفر به السير جيمز فرييزر ما أشك أنه كان يترجمه ويستشهد به في كتابه «الغصن الذهبي» بمعرض الحديث عن المراسيم الدينية القديمة في مصر:

ونجيبة بين الطفولة والصبا ... عذراء تشربها القلوب وتعلق

كان الزفاف إليك غاية حظها ... والحظ إن بلغ النهاية موبق

لاقيت أعراساً ولاقت مأتماً ... كالشيخ ينعم بالفتاة وتزهق

هذا التشبيه يدلك على دقة إحساس شوقي. وربما كان يشير به إلى حادث خاص من هذه الحوادث الكثيرة في الشرق، من زفاف الأبكار الخرد إلى القاسين من الشيوخ. ولا أبرع من تصور النيل بصورة شيخ من أولئك الشيوخ ذوي العيون الطامحة والقلوب النزاعة القاسية:

في كل عام درة تلقى بلا ... ثمن إليك وحرة لا تصدق

حول تسائل فيه كل نجيبة ... سبقت إليك متى يحول فتلحق

والمجد عند الغانيات رغيبة ... يبغي كما يبغى الجمال ويعشق

لا أشك أن كلام شوقي هذا كان ينطبق على حوادث كثيرة. ولكن يخيل لي أن الكثرة الكاثرة من الفتيات المصريات لم يكن يتمنين أن يزففن إلى النيل مهما كان في ذلك من الشرف، شأنهن في ذلك شأن أصحاب الشعور الحمر من شبان المصريين

<<  <  ج: ص:  >  >>