والأستاذ العقاد يكثر من الكامل، وله منه كلمات معروفة، من ذلك فائيته:
طاب المطاف بجنة المصطاف ... وصفا اللقاء على النمير الصافي
وهي طويلة جداً، وسنعرض لها في جزء آخر من هذا الكتاب أن شاء الله. ومن ذلك رائيته السائرة «المغنم المجهول»، ويقول فيها:
يا من عليه تلهفي وتلددي ... قد جرت فلتهنأ بأنك جائر
وأريتني ما لا ترى ووهبتني ... ما لست تملكه فمالك شاكر
محضتني سر الحياة، وسترها ... خاف عليك جليله والضامر
إن الضياء يرى العيون ولا يرى ... والحسن يوقظ وهو غاف سادر
فلئن بخلت بما ملكت فحسبنا ... ما لست تملك، فهو عندك وافر
أنسيتني نفساً وقد أذكرتني ... نفساً وخيرها التي أنا ذاكر
لكشفت باطنها فقد أنكرتها ... لما بدا منها القرار الغائر
فامنح وصالك أو قلاك فإنني ... راض بكلتا الحالتين وصابر
وهذا كلام فيه إغراب بعيد كما ترى. وأشد هذا الإغراب من البيت الخامس إلى الآخر، وقصد الشاعر أن يقول:«إن كنت تبخل علينا بجسدك الذي تملكه وتصرف فيه، فإنك لا تستطيع أن تبخل علينا بهذه النشوة التي تفعم صدورنا من مشاهدة جمالك فذلك أمر لا تملكه ولا تصرف فيه، وإن كان مصدره معين جمالك، بل ذلك معنى عال لا تدرك كنهه، لأنك كغيرك من الناس، وإنما يدرك هذا المعنى الشعراء المرهفو الحس ولهذا السبب فاني أنسى نفسك المحسوسة التي فيها غباوة غيرها من البشر، وأذكر نفسك الأخرى التي هي النشوة الشعرية المقتبسة من وحي جمالك، وهذه خير نفسيك».
ثم يخاطب العقاد المعشوق فيقول له: «يا لك من مسكين، إنك بمظهرك