للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجميل تكشف عن خفايا عظيمة نحسها نحن ونعرفها، فحينها نظهرها لك، محسنين الظن أن يكون لك من صدق اللب ما لك من صدق الحسن، نجدك تنكرها. ومن أجل هذا فإن وصالك لنا وكراهيتك لا يؤثران فينا، لأنك لست ذلك الروح القدسي الذي نتعشقه وإن كان منك يصدر ذلك الروح القدسي».

هذا هو المعنى الذي أراده الأستاذ العقاد. وعندي أن صياغته له في الكامل أجحفت به، لأن الكامل يطلب الترنم وتجويد الصياغة. والعقاد لا يفعل شيئاً من ذلك هنا، وإنما يحاول نوعاً من المطابقة مع عسر واستكراه ناشئين من غرابة المعنى. وهذه المطابقة كما في قوله: «ما لست تملك فهو عندك وافر»، وقوله: «محضتني سر الحياة وسرها خاف عليك» تضفي على كلامه غموضاً شديداً، حتى ليحار القارئ في إدراك ما يرمي إليه، إن لم يستعن بالأشياء الواضحة من نظمه في قصائد أخر كقوله:

فيا خازن الأفراح ما لقلوبنا ... خواء وأفراح الحياة كثير

ومالك ضنانا بما لو بذلته ... لما ضاع منه بالعطاء نقير

تضن بشيء لست تعلم قدره ... ونعلم ما نسخو به ونعير

نجود بحبات القلوب وبالنهي ... وليس لنا في النائلين شكور

وكقوله:

أحبك حب الشمس فهي مضيئة ... وأنت مضيء بالجمال منير

وكقوله:

لنا عالم طلق وللناس عالم ... رهين بأغلال الظنون أسير

ووا أسفا ما أنت إلا نظيرهم ... وإن لم يكن للحسن فيك نظير

وحاكيتهم ظناً فليتك مثلهم ... محيا فلا يأسي عليك ضمير

<<  <  ج: ص:  >  >>