ووا عجباً منا نسائل أنفساً ... إذا سئلت حارث وليس تحير
أنشقى بدنيانا لأن منعما ... من الناس بسام التغير غزير
وكقوله من أخرى:
لمن الجمال تبعده ... أعده للناهبينا.
أم للذين تسللوا ... ختلا فطوبى للذينا
فهذه الأشياء مجتمعة تكشف شيئاً عن غموض العقاد في الأبيات التي قدمناها، على أن هذه نفسها لا تخلو من الغموض.
ومذهب الأستاذ العقاد في الشعر على وجه الإجمال، وفي الغزل خاصة، محل جدل كثير، وخلاف عظيم. والأدباء فيه فريقان -محب مفرط في الاستحسان، وعائب مبالغ في الزراية. ووجه الإنصاف عندي أن متن شعره فيه شيء من اضطراب وجفاف، هذا من ناحية اللغة والأسلوب. أما من ناحية المعاني والأغراض- ولا سيما في باب الغزل فهو يروك بتعمقه، ودقة تفكيره، وغوصه على المسائل البعيدة لكنك لا تملك ( ... ) كله إلا أن تخالفه في الرأي.
وخلاصة مذهبه في الحب والجمال، بحسب ما نجده في ديوانه الأول، (والأبيات المتقدمة من خير ما يمثله) أن الجمال، كما يقول بعض الفرنجة عبقرية في ذاته، وأنه ينبغي للجميل ألا يضن بالوصل كما يقول المتنبي:
زودينا من حسن وجهك ما دا ... م فحسن الوجوه حال تحول
وصلينا نصلك في هذه الدنيا ... فإن المقام فيها قليل
وأنه مع ذلك لا يضير العاشق ألا ينال وصلاً، ولا ينفعه أن يناله ما دام عاشقاً للجمال في الجميل، لا لشخص الجميل، وإنما يكون الوصل، إن ظفر به كالنافلة. ويزيد الأستاذ العقاد على كل هذا بأنه يتهم الجميل المعشوق بأنه يجهل قدر جماله، ويزعم