للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضير أن يحوم الشعراء حول معنى واحد إن كان فيه متسع للقول، وكان كل مبدع منهم يجد منه مستمداً فياضاً لإبداعه. ولله در أبي تمام إذ يقول في الشعر:

ولكنه صوب العقول إذا انجلت ... سحائب منه أعقبت بسحائب

فالسحائب، لمن لا يدق التأمل، تشابه، وكذلك عودها وبروقها وانهمالها على اختلاف ضروبه. ولكن الشيء الذي لا ريب فيه أن انهمال هذه السحابة ليس هو بانهمال تلك، وإن تشابها. وكل منهما جيد في ذاته. والشعراء جميعاً لم يخرجوا عن حد كونهم من هذا العنصر الآدمي، فلم تلومهم إن توافقت خواطرهم، وتعاقبت على أمر واحد؟

هذا، ونعود إلى ما بدأنا به من الاختيار من شعر الأعشى، قال من متقاربية مطلعها] ديوانه: ١٣ [:

لعمرك ما طول هذا الزمن ... على المرء إلا عناء معن

وهي جنة من الألفاظ الراقصة:

وما إن أرى الدهر في صرفه ... يغادر من شارخ أو يفن (١)

فهل يمعني ارتيادي البلا ... د من حذر الموت أن يأتين

أليس أخو الموت مستوثقاً ... علي وإن قلت قد أنسان (٢)

أزال أذينة عن ملكه ... وأخرج عن حضنه ذا يزن (٣)

وخان النعيم أبا مالك ... وأي امرئ صالح لم يخن (٤)


(١) اليفن: الكبير السن.
(٢) أنسان: أي أنساني: أخرني.
(٣) عني أذينة بن السميدع.
(٤) أبو مالك أول من نودي «أبيت اللعن».

<<  <  ج: ص:  >  >>