للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكب الخلية ذات القلا ... ع قد كاد جؤجؤها ينحطم

الخلية: السفينة العظيمة. والقلاع: جمع قلع بكسر القاف، وهو الشراع.

والجؤجؤ مقدم السفينة:

تكاكأ ملامحها وسطها ... من الخوف كوثلها يلتزم

والكوث: سكان السفينة، أي ملاحها من الخوف يلتزم سكانها. وهذا من أجود ما قرأته في وصف البحر، ويدل على معرفة به - على أني لا أدفع الشبه بينه وبين قول النابغة:

يظل من خوفه الأخ معتصماً ... بالخيزرانة بعد الأين والنجد

ولا يخفى عليك أن قول النابغة (بعد الأين والنجد) تطويل وليس في كلامه على حسنه ما في قول الأعشى «تكأكأ» الخ من دقة التصوير فالأعشى لاشك كان أكثر معرفة بالسفن من النابغة. وأسوق لك شاهد آخر من شعره يؤكد لك ما أقوله، وهو قوله:

وما رائح روحته الجنو ... ب يروي الزروع ويعلو الدبارا (١)

يكب السفين لأذقانه ... ويصرع بالعبر أثلاً وزارا (٢)

إذا رهب الموج ملاحه ... يحط القلاع ويرخي الزيارا (٣)

بأجود منه بأدم الركا ... ب لط العلوق به احمرارا (٤)

فهذا يدل على خبرة بينة لاسيما البيت الثالث. ذلك بأن الريح إذا اشتدت


(١) في الأصل الديار وأحسبها بالباء الموحدة لا المثناة، أي الحدائق.
(٢) الزار: شجر.
(٣) الزيار: حبل الشراع، وأصل الزيار: حبل الدابة.
(٤) أدم الركاب: الإبل البيض. لط: ألصق. العلوق: عنى حسن العلف. احمراراً: سمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>