للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتم القصة وانتقل إلى غيرها. ومن المؤسف حقًا أن هذا الجزء القصصي من القصيدة قد ضاع أكثره فلم تبق منه إلا أبيات:

وأُنشد القارئ قطعة أخرى من متقارب الأعشى يصف الخمر [نفسه]:

أتاني يؤمراني في الشمو ... ل ليلاً فقلت له غادها (١)

أرحنا نُباكر جد الصبو ... ح قبل النفوس وحسادها

فقمنا ولما يصح ديكنا ... إلى جونةٍ عند حدادها

أي إلى شراء دن أسود قد احتفظ به صاحب حانوت من الضرب الحريص.

تنخلها من بكار القطاف ... أزيرق آمن إكسادها (٢)

أي أزيرق الطرف من الروم أو سواهم من صهب السبال.

فقلنا له هذه هاتها ... بأدماء في حبل مقتادها (٣)

فقال تزيدونني تسعةً ... وليست بعدلٍ لأندادها (٤)

فقلت لمنصفنا أعطه ... فلما رأى حضر شهادها (٥)

أضاء مظلته بالسرا ... ج والليل غامر جدادها

أي جوانبها، عني جوانب المظلة (البيت الشعري) الذي كان فيه صاحب الخمر.


(١) أي أشرب صباحًا، ومعنى هذا: أن يشربها من الليل فلا يراه الناس فيسبقوه إليها، ويحسدوه على سبانها. وقد كانت العرب تعلي شأن الخمر، وتغالي بها، وقال في ذلك أبو محجن «أقومها زق بحق» أي الزق بناقة حقة.
(٢) تنخلها: تخبرها من أبكار الكروم. وآمن إكسادها: أي واثق أنها ستباع رابحة.
(٣) أي بعنا هذه الخابية بناقة حمراء توصل إليك.
(٤) أي هي فوق ما عسى أن يقال لكم إنه من صنفها.
(٥) المنصف: الخادم- تأمل هنا أن مع الأعشى خادمًا، وأنه يدفع ناقة وتسعًا من القطع الذهبية أو الفضية ليشري بها خابية. وهذا يدل بلا ريب على وجود طبقة «أرستقراطية» بين عرب الجاهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>