للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دراهمنا كلها جيد ... فلا تحبسنا بتنقادها

فقام فصب لنا قهوةً ... تسكننا بعد إرعادها

كميتٍ تكشف عن حُمرةٍ ... إذا صرّحت بعد إزبادها

أي هي أول أمرها بين السواد والحمرة لما يخالطها من الزبد، فإذا سكن زبدها وصفت بدا لونها أحمر صريحًا. فانظر إلى هذه الدقة والإبداع رحمك الله.

كحوصلة الرأل في دنها ... إذ صوبت بعد إقعادها (١)

فجال علينا بإبريقه ... مخضّب كف بفرصادها (٢)

فباتت ركاب بأكوارها ... لدينا وخيلٌ بألبادها (٣)

لقوم فكانوا هم المنفدين ... شرابهم قبل إنفادها

فرحنا تنعمنا نشوةٌ ... تجور بنا بعد إقصادها

وقال في وصف الرحلة إلى الممدوح:

تؤم سلامة ذا فائش ... هو اليوم حم لميعادها (٤)

وكم دون بيتك من صفصفٍ ... ودكداك رملٍ وأعقادها (٥)

ويهماء بالليل غطشى الفلا ... ة يؤنسني صوت فيادها


(١) الرأل: ولد النعام، وفي السودان يقال «رول».
(٢) وصف الغلام الساقي المخضب كثير في الشعر الجاهلي، وقد كان يخيل له دهرًا أن الشعراء لا يريدون إلى غير مجرد وصف الساقي ليدلوا على أنه أجنبي، وذلك أجود للخمر والشراء، فيذكرون خضابه ونطف أذنيه. وقد بدا لي بأخرة أن هذا الغلام الساقي لا بد أن قد كان من متممات مجلس الشراب الجميل، والمدفق في أوصاف السقاة لا يكاد يعفيها من تهمة غزلية.
(٣) أي هذه الركاب لقوم، والقوم هم الشاعر وأصحابه. ثم مدح نفسه وصحبه بأنهم أكفاء للشراب ينفدونه قبل أن يأتي على عقولهم.
(٤) حم: قصد.
(٥) الأعقاد: جمع عقد، وهو كثيب الرمل المنعقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>