للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخطابة والتكرار والمطابقة كل ذلك بين في أداء هذه الأبيات. هذا من الناحية اللفظية ومن الناحية المعنوية تجد سرعة الخاطر، وبراعة البديهة أوضح ولا سيما في البيت الرابع. وانظر إلى قوله من نفس القصيدة يفتخر:

بنو السيد الأشاتم للأعادي ... نمتني للعلى وبنو ضرار

وأصحاب الشقيقة يوم لاقوا ... بني شيبان بالأسل الحرار

وله من قصيدة لامية جيدة مدح بها سعيد بن العاص (ديوانه ٢: ٦١٦، ٦١٨):

أرقت فلم أنم ليلاً طويلاً ... أراقب هل أرى النسرين زالا

فأرقني نوائب من هموم ... عليّ ولم يكن أمري عيالا

أي ولم يكن أمر يعوله قبل الهم الذي جعله يراقب النسرين. وقد كان الفرزدق صادقًا في قوله هذا، فهو يشير إلى تهديد زياد له، وقد غبر حينًا من الدهر يتراوغ منه بين البصرة والكوفة، ثم لم يجد من ملجأ غير الفرار:

وكان قرى الهموم إذا اعترتني ... زماعًا لا أريد به بدالا

فعادلت المسالك نصف حول ... وحولا بعده حتى أحالا

فقال لي الذي يعينه شأني ... نصيحة قوله سرًا وقالا

عليك بني أمية فاستجرهم ... وخذ منهم لما تخشى حبالا

فإن بني أمية من قريش ... بنوا لبيوتهم عمدًا طوالا

إليك فررت منك ومن زياد ... ولم أحسب دمي لكما حلالا

ولكني هجوت وقد هجتني ... معاشر قد رضخت لهم سجالا

فإن يكن الهجاء أحل قتلي ... فقد قلنا لشاعرهم وقالا

وإن تك في الهجاء تريد قتلي ... فلم تدرك لمنتصر تبالا (١)


(١) أي: ثأثرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>