للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا علقت مخالبه بقرنٍ ... أصاب القلب أو هتك الحجابا (١)

ترى الطير العناق تظل منه ... جوانح للكلاكل أن تصابا (٢)

انظر إلى تكرار «بني نمير» ثم إلى هذه الصورة (صورة البازي) التي تشبه نغم الشاعر في هولها وسرعتها، وتباين كل المباينة في أدائها المجازي ما قدم لك الشاعر من أداء خطابي.

فلا صلى الإله على نميرٍ ... ولا سقيت قبورهم السحابا

وخضراء المغابن من نُمير ... بشين سواد محجرها النقابا

إذا قامت لغير صلاة وترٍ ... بعيد النوم أنبحت الكلابا

تطلى وهي سيئة المعرى ... بصن الوبر تحسبه ملابا

هذا من خبيث الهجاء، وعماده «التنكيت» وسرعة البديهة.

وقد جلت نساء بني نمير ... وما عرفت أناملها الخضابا (٣)

إذا حلت نساء بني نميرٍ ... على تبراك خبثت الترابا

انظر إلى «جلت وحلت».

ولو وزنت حلوم بني نميرٍ ... على الميزان ما وزنت ذبابا

فصبرًا يا، تيوس بني نمير ... فإن الحرب موقدةٌ شهابا

هذا كله خطابة وتهويل بالخواطر والبداهة، ومقارعة بالكلمات. ثم يدع جرير هذا المنهج جانبًا، ويرتفع فجأة إلى الشعر الصرف:


(١) عنى الحجاب بين الصدر والمعدة.
(٢) الطير العتاق: هي الجوارح. الكلا كل: الصدور، أن نصابا: أي خشية أن تصابا.
(٣) جلت أي كبرت في السن.

<<  <  ج: ص:  >  >>