للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيت عذارى يوم دجن ولجته ... يطفن بجباء المرافق مكسال (١)

سباط البنان والعرانين والقنا ... لطاف الخصور في تمام وإكمال (٢)

نواعم يُتبعن الهوى سُبل الردى ... يقلن لأهل الحلم ضل بتضلال

صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ... ولست بمقلي الخلال ولا قال

ولعل في هذا البيت الأخير ما يُصحح رواية من روى أن امرأ القيس كان يتعشق امرأة أبيه. إذ لو أن معشوقته كانت امرأة رجل آخر كائنًا من كان، فإن في الاعتذار بخشية الردى ضعفًا لا يلائم مذهبه، وقد كان قدم الفخر بأنه يتسور على العقائل ولا يخشى بأس رجالهن لاعتصامه بسيفه ونبله.

كأني لم أركب جوادًا للذة ... ولم أتبطن كاعبًا ذات خلخال

ولم أسأب الزق الروي ولم أقل ... لخيلي كُري كرة بعد إجفال (٣)

ثم أخذ امرؤ القيس بعد ذلك في ذكر الصيد في أبيات معروفة لدى الطلاب المدارس الثانوية لأنها في المنتخب وما بمجراه من كتب الاختيار. ثم ختم كلمته بقوله:

فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال

ولكنما أسعى لمجد مُؤثل ... وقد يُدرك المجد المُؤثل أمثالي

وما المرء ما دامت حُشاشة نفسه ... بُمدرك أطراف الخطوب ولا آل (٤)

وعندي أن هذه القصيدة أجود كثيرًا من «قفا نبك»، وفيها روح الملك


(١) جباء المرافق لاكتنازها فلا تتبين رؤوس العظام من مرافقها.
(٢) القنا: عنى القامات.
(٣) سباء الخمر: شراؤها وكانت غالية، يتفاخر كرام العرب ببذلها.
(٤) من ألا يألو: إذا قصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>