للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألم أقل لك أن العرب لا تنفك تغني بحُسن الثغر ما دامت في الدنيا عروبة؟

وترنو بعينيها إلي كما رنا ... إلى ربرب وسط الخميلة جُؤذر

فلما تقضي الليل إلا أقلة ... وكادت توالي نجمه تتغور

أشارت بأن الحي قد حان منهم ... هبوب ولكن موعد لك عزور

وفي هذا إشارة خفية إلى أنها قد لذها منه ما لذة منها، وامرؤ القيس لا يذكر شيئًا شبيهًا بذلك، لأنه إنما كان همه نفسه.

فما راعني إلا مُناد برحلة ... وقد لاح مفتوق من الصبح أشقر

فلما رأت من قد تثور منهم ... وأيقاظهم قالت أشر كيف تأمر

فقلت أباديهم فإما أفوتهم ... وإما ينال السيف ثأرًا فيثأر

وأين هذا من كلام امرئ القيس بسيفه ومسنونته الزرق وثقته بأنه لن يقتل؟

فقالت أتحقيقًا لما قال كاشح ... علينا وتصديقًا لما كان يُؤثر

فإن كان ما لا بد منه فغيره ... من الأمر أدنى للخفاء وأستر

أقص على أختي بدء حديثنا ... ومالي من أن تعلما متأخر

لعلهما أن تبغيا لك مخرجًا ... وأن ت ترحبا سربًا بما كنت أحصر

أي أضيق وأحرج به.

فقامت كئيبًا ليس في وجهها دم ... من الحزن تُذري عبرة تتحدر

فقالت لأختيها أعينًا علي فتى ... أتى زائرًا والأمر للأمر يُقدر

فأقبلتا فارتاعتا ثم قالتا ... أقلي عليك الهم فالخطب أيسر

يقوم فيمشي بيننا مُتنكرًا ... فلا سرنا يفشو ولا هو يظهر

فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومُعصر

<<  <  ج: ص:  >  >>