متعة فنية أكثر من مجرد الرصانة اللفظية- متعة فنية مصدرها لون عاطفي ما، لا يضيره أن يكون خاليًا من نوع الحرارة التي عند العُذريين.
نعم، لا يستطيع أحد أن يرد بحق ما يزعمه الدكتور من أن التائية في جملتها خالية من حرارة الوجد، وفاقدة لمثل الصدق الذي عند جميل، وأنها ذات طابع فكري، وأن الجهد والصناعة تغلبان عليها. ولكنها مع ذلك ذات نفس شعري يصحبه لون من عاطفة، كما قدمت، يرتفع بها عن مجرد التفيهق والصناعة.
وقد أضرب الدكتور طه عن ذكر لامية كثير الطويلة:«قفا ودعا ليلى أجد رحيلي»(١)، وعن ذكر كثير من النتف الغزلية الصالحة التي نظمها هذا الشاعر نحو قوله:
وما زلت من ليلي لدن طر شاربي ... إلى اليوم أُخفي حُبها وأُداجن
وأحمل في ليلى لقوم ضغينة ... وتحمل في ليلى علي الضغائن
ونحو قوله:
وكنت إذا ما زرت ليلى بُخفية ... أرى الأرض تُطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ود جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثة لو تُعيدها
ونحو قوله:
رهبان مكة والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب رُقودًا
لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خروا لعزة رُكعًا وسجودًا
وقوله:
عشية سُعدى لو تبدت لراهب ... بدومة تجر دونه وحجيج
قلى دينه واهتاج للشوق إنها ... على الشوق إخوان العزاء هيوج
(١) لكثير عزة ديوان كامل قد طبع تحت إشراف مستشرق فرنسي، وهو نادر الوجود.