للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ نظرت نظرة ليست بكاذبة ... إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا

وقلبت مُقلة ليست بُمقرفة ... إنسان عين ومأقا لم يكن قمعًا (١)

فكذبوها بما قالت فصبحهم ... ذو آل حسان يُزجي الموت والشرعا (٢)

فهذا الكلام وإن كان فيه نفس من روح الأعشي، خال في جملته من الرونق والقوة، ولو جاء به الأعشي في المتقارب لكان له شأن آخر.

والقصص الذي يستقيم في البسيط هو ما يكون فيه لون من عنف أو لين- فمثال الذي فيه العنف قول عبد الله بن سبرة الحرشي [وأحسبه الجرشي، لأنه لا حرش ببلاد قيس، وقد كان الرجل قيسيًا] يرثي أصابعه ويذكر قتاله مع أطربون الرومي (٣):

ويلم جار غداة الروع فارقني ... أهون على به إذ بان فانقطعا

يُمنى يدي غدت مني مُفارقة ... لم أستطع يوم فلطاس لها تبعًا

وما ضننت عليها أن أُصاحبها ... لقد حرصت على أن نستريح معًا

وقائل غاب عن شأني وقائلة ... هلا اجتنبت عدو الله إذ صُرعا

وكيف أركبه يسعى بُمنصله ... نحوي وأعجز عنه بعدما وقعًا

ما كان ذلك يوم الروع من خُلقي ... ولو تقارب مني الموت فاكتنعا

أي دنا.

ويلمه فارسًا أجلت عشيرته ... حامي وقد ضيعوا الأحساب فارتجعا

يمشي إلى مُستميت مثله بطل ... حتى إذا أمكنا سيفيهما امتصعا


(١) قمع، ذو قمع، وهو داء.
(٢) الشرع: النبال والقسى.
(٣) أمالي الدار ١: ٤٧ - ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>