أي اجتلدا، وفسره أصحاب حاشية الأمالي بقولهم «بعدًا» وذلك ليس بشيء.
كل ينوء بماضي الحد ذي شطب ... جلى الصياقل عن ذرية الطبعا
يريد السيف: أي كل منهما يحمل سيفًا طويلاً من حديد جيد، له طرائق كأنها الذر في الرمل، والطبع: الصدأ.
حاسيته الموت حتى اشتف آخره ... فما استكان لما لاقى ولا جزعًا
كأن لمته هُداب مُخملة ... أحم أزرق لم يُشمط وقد ضلعا
فإن يكن أطربون الروم قطعها ... فقد تركت بها أوصاله قطعًا
يعني كفه.
وإن يكن أطربون الروم قطعها ... فإن فيها بحمد الله مُنتفعًا
بنانتين وجذمورًا أقيم بها ... صدر القناة إذا ما آنسوا فزعًا
فهذا كلام يتقطر دمًا كما ترى، وقد كان ابن سبرة، صاحب هذه الأبيات من الفتاك لا يخشى في إقدامه عاقبة، ولا يبالي ما صنع. وفي هذه الأبيات العينية أمثلة من العنف الشديد. كقوله:«وكيف أركبه، إلى آخر البيت»، فهذا مذهب محارب حريص على قتل قرنه، وكقوله:«حاسيته الموت إلخ» فأنظر إلى تحاسي الموت هذا، وأنظر إلى التعبير الدقيق عن قسوة القتال وفظاعته في قوله «حتى اشتف آخره». وأعنف ما في القصيدة بلا ريب قوله:«فقد تركت بها أوصاله قطعًا»، وأذكر أني كنت أدرس تلاميذ أحد الفصول الرابعة من المدارس الوسطى عندنا بالسودان هذه القصيدة، فلما بلغنا قوله:«فقد تركت إلخ» صاح بعض التلاميذ: «وجع! » وهو لفظ تعجب يطلق في عاميتنا السودانية في موقف الهول والانتصار وما إلى ذلك.