وقد تكلم الأستاذ أحمد الزين رحمه الله عن هذه الأبيات كلامًا حسنًا في أحد الأعداد الأول من مجلة الثقافة، وما أحسبني أستطيع أن أزيدك على ما قاله.
ولعبد الله بن سبرة قصيدة طويلة عينية، أوردها التبريزي في شرح الحماسة يصف فيها قتله لرجل رام من إحدى عقائل قيس ريبة، وأورد لك خبر ذلك بحسب ما ورد في شرح الحماسة، قال (٢ - ٦٠): «كانت امرأة قيسية في بعض مدائن الشام، فتعرض لها بعض المتعزبة، فجعل يخطبها في العلانية، ويراودها عن نفسها في السر، فمر بها قوم فيهم ابن سبرة، فأرسلت إليهم خادمة لها، تسألهم هل فيهم رجل من قيس. قال ابن سبرة: نعم فما حاجتك؟ قالت: أنا مولاة امرأة من قيس ولها إليك حاجة، فأتاها، فأخبرته خبر الرجل، فقال: ابعثي إليه حتى أكلمه؟ فبعثت إليه، فراح مُهيئًا يرجو غير الذي لقي، فدخل فضربه ابن سبرة بسيفه حتى قتله، ثم حفر له في بيتها قامة، وقال لجاريتها: ادخلي فاخرجي التراب. فلما دخلت الجارية الحفرة ضربها فقتلها، فصاحت المرأة، فقال لها: اسكتي، فإنك إن أنذرت بنا هلكنا جميعًا، ولم يكن أمرك لينكتم مع هذه الجارية. فقالت: والله ما كان لي على وجه الأرض غيرها. فدفن أمر الجارية، ثم أتى أصحابه وقد استبطئوه، وساء ظنهم فيه، فأخرجوا ما معهم، فجمع لها سبعين دينارًا ثم أتى بها المرأة وقال: اشترى خادمًا مكان خادمتك».
فهذه قصة فيها عنف شديد كما ترى، وفيها ظلم وتعد على الجارية المسكينة التي قتلها ابن سبرة على الظن. وقد ندم هو على ذلك ندمًا شديدًا، وإن كان مع ندمه يرى أنه قد أصاب وجه الحزم حين قتلها. فقال في ذلك (٦٠ - ٦١):
دعتني وما تدري علام أجيبها ... مُقنعة عنها أخو الضيم شاسع
لأدفع عنها صئبلاً مُصمئلة ... وفي الله وابن العم للضيم دافع