فلما أمت الضيم عنها تبادرت ... أسى ضللت منها هناك المدامع
بكاء على مملوكة قتلت لها ... وما قتلت إلا لتخفى الودائع
وقلت لها لا تحزعي إن سرنا ... متى ما يجزنا لا محالة شائع
أرحتك من خوف وذو العرش مخلف ... وفي الصبر أجر حين تعرو الفجائع
وهذي لكم سبعون أوسا مكانها ... وفيها إخال خادم لك نافع
فبعدًا له ميتًا ولا تبعد التي ... به قُرنت في القبر ما حم واقع
إذا لم يزع ذا الجهل حلم ولا تقى ... ففي السيف تقويم لذي الجهل رادع
أقول لدن فكرت عُقب مُصابه ... إلهي تجاوز إن عفوك واسع
وإني أخو الذنب العظيم وإنني ... إليك من الخوف المباغت ضالع
لي الويل إن لم تعف عني ولم يكن ... بمنك لي عند الشفاعة شافع
فروح هذا الكلام كما ترى ليس فيه روح فتك، وإن كان الفعل الذي أوحى به فتكًا فظيعًا هائلاً. وما ذلك إلا لعنصر الندم والتفكير الشائع فيه. ولهذا حسن موقعه من البحر الطويل. ولو كان ابن سبرة أراد أن يقول هذا الكلام المختلف تيارات العواطف في البسيط لكان وجد مجال القول حرجًا. وأنظر إلى فرق ما بين هذه العينة وتلك التي قالها في أطربون الروم: العاطفة في تلك بسيطة واضحة لا اضطراب ولا عُقد فيها. والمعنى الذي أراده الشاعر معنى حماسة وقوة وفتوة، ولكن المعاني هنا عميقة معقدة. وليس قتل الرجل نفسه ولا قتل الجارية نفسها هو المعنى به، وإنما الدوافع التي دفعته إلى القتل، والتي جعلته يندم. وربما يحسن ونحن بصدد هذه الموازنة أن أذكر لك بيتين لابن سبرة من البسيط قالهما في قصة فتك ثالثة لم يلابسها خوف من العواقب ولا ندم.
وخبرها بحسب ما ذكره التبريزي أنه (٥٩) «كان الرجل له فيروز، عطارًا يبيع القيسيات بأثناء الرات، فأتته قيسية فاشترت منه عطرًا وأكبت تناول