للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا، فضرب على أليتها، فقالت يا عبد الله بن سبرة ولا عبد الله بالوادي، فتغلغلت هذه الكلمة إليه وهو بقالي قلا فأقبل حتى أخذ فيروز فذبحه وقال:

إن المنايا لفيروز لمعرضة ... يغتاله البحر أو يغتاله الأسد

أو عقرب أو شجًا في الحلق مُعترض ... أو حية في أعالي رأسه ربد

أو مضمر الغيظ لم يعلم باحنته ... وما يُجمجم في حيزومه أحد

وهذا من أعنف الكلام كما ترى ولم يُرد به الشاعر أن يلتمس عذرًا لما فعله، فهو يرى أنه قد أصاب، وأن سيفه كان سيف القدر. ثم هو يبالغ في تحقير شأن القتيل فيقول: وماذا إن قتلته، أليس إن غرق يموت، أو ليس إن افترسه أسد يموت، ومن يدري فربما تميته لسعة عقرب، أو غُصة تعترض في الحلق، أو لدغة من حية نكراء، فكما يجوز أن تقتله كل هذه الأشياء، فكذلك يجوز أن يقتله رجل محنق مغيظ عليه مثلي، يتربص به الغوائل، وهو غافل لا يدري، ولا يجول بخاطره أن أحدًا من الناس سيقتله.

فهذا كلام امرئ غير مكترث، ومثل هاته الأغراض يصلح فيها البسيط.

ومن نوع القصص الذي يصلح فيه البسيط ما ينزل منزلة الفخر ويُذهب به مذهب الخطب الطنانة من أوصاف الملاحم. من ذلك كلمة الأخطل (ديوانه ٩٨ - ١١٢):

خف القطين فراحوا منك أو بكروا ... وأعجلتهم نوى في صرفها غير

وفيها يفخر الأخطل بمقتل عُمير بن الحباب السلمي، ويذكر مواقع بني أمية في قيس، وقد كانت القيسية حينذاك منزوين عن بني أمية، وهاك منها أبياتًا تريك كيف ظهور روح الخطابة في هذه الكلمة:

بني أمية إني ناصح لكم ... فلا يبيتن منكم آمنًا زُفر

<<  <  ج: ص:  >  >>