واتخذوه عدوًا إن شاهده ... وما تغيب من أخلاقه دعر
إن الضغينة تلقاها وإن قدمت ... كالعر يكمن حينًا ثم ينتشر
وقد نُصرت أمير المؤمنين بنا ... لما أتاك ببطن الغوطة الخبر
يعرفونك رأس ابن الحُباب وقد ... أضحى وللسيف في خيشومه أثر
لا يسمع الصوت مُستكًا مسامعه ... وليس ينطق حتى ينطق الحجر
والحارث بن أبي عوف لعبن به ... حتى تعاوره العُقبان والسبر
وهو الحدأة:
وقيس علان حتى أقبلوا رقصًا ... فبايعوك جهارًا بعدما كفروا
فلا هدى الله قيسًا من ضلالتها ... ولا لعا لبني ذكوان إذ عثروا
ضجوا من الحرب إذ عضت غواربهم ... وقيس عُيلان من أخلاقها الضجر
ولم يزل بسليم أمر جاهلها ... حتى تعايا بها الإيراد والصدر
إذ ينظرون وهم يجنون حنظلهم ... إلى الروابي فقلنا بعدما نظروا
كروا إلى حرتيهم يعمرونها ... كما تكر إلى أوطانها البقر
وما سعى فيهم ساع ليدر كنا ... إلا تقاصر عنا وهو مُنبهر
والقصيدة كلها على هذا المجرى القوي الخطابي، وتُشبهها شيئًا في الأداء، رائية كعب بن معدان الأشقري (١):
يا حفص إني عداني عنكم السفر ... وقد سهرت فآذى جفني السهر
إلا أن لفظ التغلبي أجود، وكعب لم يقصر، بل أربى على الأخطل في ناحية ذكر المواقع، وقد كان شهد الحروب واصطلى بنارها. ورائيته هذه قالها بعقب انتصار المهلب على عبد ربه، وفرار قطري إلى أقاصي الجبال. وكان أوفده المهلب في جماعة
(١) الطبري ٥: ١٢٢ - ١٢٦ (مصطفى محمد ١٩٣٩).