للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يدفع الناس ضيمًا بعد ليلتهم ... إذ لا تُمد إلى الجاني عليك يد

لو أن سيفي وعقلي حاضران له ... أبليته الجهد إذ لم يُبله أحد (١)

جاءت منيته والعين هاجعة ... هلا أتته المنايا والقنا قصد (٢)

هلا أتته أعاديه مُجاهرة ... والحرب تُسعر والأبطال تجتلد

فخر فوق سرير الملك مُنجدلاً ... لم يحمه مُلكه لما انقضى الأمد (٣)

قد كان أنصاره يحمون حوزته ... وللردى دون أرصاد الفتى رصد

وأصبح الناس فوضى يعجبون له ... ليثا صريعًا تنزى حوله النقد (٤)

علتك أسياف من لا دونه أحد ... وليس فوقك إلا الواحد الصمد

جاءوا عظيمًا لدنيا يسعدون بها ... فقد شقوا بالذي جاءوا وما سعدوا

ضجت نساؤك بعد العز حين رأت ... خدًا كريمًا عليه قارت جسد (٥)

كم في أديمك من فوهاء هادرة ... من الجوائف يغلي فوقها الزبد (٦)

إذا بكيت فإن الدمع مُنهمل ... وإن رثيت فإن القول مطرد

قد كنت أسرف في مالي فتخلف لي ... فعلمتني الليالي كيف أقتصد

لما اعتقدتم أناسًا لا حُلوم لهم ... ضعتم وضيعتم من كان يُعتقد

ولو جعلتم على الأحرار نعمتكم ... حمتكم السادة المذكورة الحشد


(١) هذا كقول البحتري «ولو كان سيفي»، ولكنه أدق، وفيه مع ذلك خبر صريح بأن الناس قد فروا عن المتوكل.
(٢) قصد: متكسرة. وهذا كقول البحتري: «وأولى لمن يغتاله» البيت. وهو أدق لأنه يبين أنه من حق الخليفة أن ترعى حرمته، وألا يموت قتيلاً إلا في حرب، وهو يذب عن حرمة الدولة.
(٣) هذا كقول البحتري: وما قاتلت عنه المنايا.
(٤) تنزي: تتواثب. والنقد: صغار المعزى.
(٥) القارت الجسد، عنى به الدم الملطخ به جسده.
(٦) الجائفة: الطعنة تدخل في الجوف، والفوهاء: العظيمة الفم.

<<  <  ج: ص:  >  >>