للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ باطلي لم تقشع جاهليته ... عني ولم يترك الفتيان تقوادي

كنية القوم من ذي الغيضة احتملوا ... مستحقبين فؤادًا ماله فاد (١)

بانوا وكانت حياتي في اجتماعهم ... وفي تفرقهم موتى واقصادى

مُحددين لبرق صاب في خيم ... وبالقرية رادوه برواد

ولا يفوتني أن أذكر لك هنا أن الإكثار من أسماء المواضع من مستلزمات النسيب لأنها معالم الذكرى.

أرمي قصيدهم طرفي وقد سلكوا ... بطن المجيمر فالروحاء فالوادي

يخفون طورًا وأطوارًا إذا طلعوا ... طودًا بدا لي من أجمالهم بادي

تأمل هذا الشاعر واقفًا يرقب الظعن، وهي موغلة في الصحراء لا يريم مكانه ليتزود منها أخر نظرة، وكلما غابت عنه وابتلعتها الأهضام جعل يعلل نفسه بأن علل أن تصعد طودًا فتبدو مرة أخرى، ولا يزال هكذا يرقب الأفق حتى يفني الأفق نفسه من أمام البصر.

وفي الخدور غمامات برقن لنا ... حتى تصيدننا من كل مُصطاد

يقتلننا بحديث ليس يعلمه ... من يتقين ولا مكنونه باد

فهن ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلة الصادي

ولا حاجة بي أن أدلل أن هذا الكلام حنين محض انتظمه الوزن والقافية.

وقريب من أبيات القطامي هذه في الروح والمذهب قول جرير:

بأن الخليط ولو طُووعت ما بانا ... وقطعوا من حبال الوصل أقرانًا

قد كنت في أثر الأظعان ذا طرب ... مُروعًا من حذار البين محزانًا


(١) مستحقبين فؤادًا: جعلوه كالحقيبة وراء ظهورهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>