للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بارك الله في الدنيا إذا انقطعت ... أسباب دنياك من أسباب دنيانا

يا أم عثمان إن الحب عن عرض ... يُصبي الحليم ويبكي العين أحيانًا

كيف التلاقي ولا بالقيظ محضركم ... منا قريب ولا مبداك مبدانا

يارب عائذة بالغور لو شهدت ... عزت عليها بدير اللج شكوانا

إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يُحيين قتلانا

يصر عن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانًا

طار الفؤاد مع الخود التي طرقت ... في النوم طيبة الأعطاف مبدانًا

بتنا قرانًا كانا مالكون لها ... يا ليتها صدقت بالحق رؤيانا

قالت تعز فإن القوم قد جعلوا ... دون الزيارة أبوابًا وخزانًا

لما تبينت أن قد حيل دونهم ... ظلت عساكر مثل الموت تغشانا

ماذا لقيت من الأظعان يوم قنًا ... يتبعن مُغتربًا بالبين مظعانًا

أتبعتهم مقلة إنسانها غرق ... هل ما ترى تارك للعين إنسانًا

كأن أحداجهم تُحدي مُقفية ... نخل بملهم أو نخل بقرانا (١)

ترمي بأعينها نجدًا وقد قطعت ... بين السلوطح والروحان صوانًا

يا حبذا جبل الريان من جبل ... وحبذا ساكنو الريان من كانا

وحبذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الريان أحيانًا

هبت شمالاً فذكرى ما ذكرتكم ... عند الصفاة التي شرقي حورانا (٢)

هل يرجعن وليس الدهر مُرتجعًا ... عيش بها طالما احلولى وما لانا

فهذه الأبيات من رقيق النسيب وحلوه، ولا أحسب جريرًا قالها في حادث بعينه،


(١) الأحداج: جمع حدج، وهو من مراكب النساء. ويشير جرير إلى قول المرقش: «كأنهن النخل من ملهم» وملهم، وقران: موضعان.
(٢) فاعل هبت، الريخ، محذوفة للعلم بها. ما زائدة. والمعنى: يا لذكرى ذكرتكم إياها. والبيت من شواهد سيبويه، ذكره يستدل به على نصب شرقي على الظرفية المكانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>