للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقًا إليكم ولا جفت مآفينا

نكاد حين تُناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الأسى لولا تأسينا

حالت لفقدكم أيامنا فغدت ... سودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا

إذ جانب العيش طلق من تألفنا ... ومربع اللهو صاف من تصافينا

يا ساري البرق غاد القصر واسق به ... من كان صرف الهوى والود يسقينا

ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا ... من لو على البُعد حيًا كان يُحيينا

واسأل هنالك هل عنى تذكرنا ... إلفًا تذكره أمسى يعنينا

ربيب مُلك كأن الله أنشأه ... مسكًا وقدر إنشاء الورى طينًا

يا روضة طالما أجنت لواحظها ... وردًا جلاه الصبا غضًا ونسرينا

كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من أجفان واشينا

سران في خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا

أما هواك فلم نعدل بمنهله شُربًا ... وإن كان يُروينا فيظمينا (١)

لم نجف أفق جمال أنت كوكبه ... سالين عنه ولم نهجره قالينا

نأسى عليك إذا حُثت مشعشعة ... فينا الشمول وغنانا مغنينا

لا أكوس الراح تبدي من شمائلنا ... سيما ارتياح ولا الأوتار تلهينا

عليك منا سلام الله ما بقيت ... صبابة بك نخفيها فتخفينا


(١) هذا معنى يحم حوله الشعراء، وهو ناصع هنا، وقد جاء به شكسبير في رواية انطونيو وكليوباترا، فجعل الاستعارة من الطعام وذلك قوله:
Other women cloy
The appetites they feed, but she makes hungry
Where most she satisfies (Scene II Act II).
وترجمته على وجه التقريب. أوردناها في كتابنا التماسة عزاء (طبعته ١٩٧١ ص ٩٤)
سواها من النسوان يتخمن بالجدا ... وأقوى إذا ما اشبعتك تجيع

<<  <  ج: ص:  >  >>