للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مما عابه الآمدي، وزعم أنه خارجٌ عن مذهب العرب في نعت الحلم (١).

ومثال ضعف التأليف قول الآخر:

جزى بنوه أبا الغيلان عن كبرٍ ... وحسن فعلٍ كما يجزى سنمار

وبين القاعدتين الأولى والثانية خصوصٌ وعمومٌ. فلا بد للكلام الفصيح من أن تكون كلماته فصيحة. ولا يترتب على فصاحة الكلمات كون الكلام فصيحا. مثال ذلك بيت مسلم المشهور:

سلت وسلت ثم سل سليلها ... فغذا سليل سليلها مسلولا

فكلماته إن أفردتها فصيحة، وهي معًا أبعد شيء عن الفصاحة، لمكان التنافر بينها، فيما زعموا.

ومثل هذا قول الطائي:

كريم متى أمدحه والورى ... معي وإذا ما لمته لمته وحدي

فقد كرهوا توالي الحلقيين في "أمدحه أمدحه"، وعندي أن هذا ليس بقبيح. وتوالي الحلقيين كثير في الكلام الفصيح، منه قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: ٩١]. والذي استشهد بكلام أبي تمام هذا، لم يتدبر قرآنه، ولا يحضرني اسمه.

هذا، والذي ذكره العلماء في باب فصاحة الكلام، فيه أشياء لا تمس "الجرس" من قريب، وإنما تتصل بباب الأسلوب والبيان، كالتعقيد المعنوي وضعف التأليف. [وذكرهما في التعبير من كلمة الفصاحة].

ويستنتج من قاعدة فصاحة الكلمة، أن الكلمات تكون حسنة وقبيحة في


(١) راجع الموازنة، تحقيق محمد محيي الدين، مصر ١٩٤٤: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>