للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم ... بالعيكتين لدي معدى ابن براق (١)

الشاهد هنا تكراره لكلمة ليلة، وكان له عنها مندوحة، كأن يقول: "حزة صاحوا" أو "ساعة صاحوا". وقد تقول إن الليلة أقوي في أداء المعني. ولا أدفع أن تكرارها قد زاد المعني قوة بتقوية النغم، ولكن التعبير "بالساعة" و"الحزة" كان يكون أدق، لأنه جرى لما سمعهم تصايحوا.

وقال تابط شرا في القصيدة:

لكنما عولي إن كنت ذا غولٍ ... على بصيرٍ بكسب الحمد سياق

سباق غايات مجد في أرومته ... مرجع الصوت هداّ بين أرفاق (٢)

فقوله سباق غايات مجدٍ، يؤكد نغم القافية ويصله بنغم البيت التالي. ولا أشك أن الطريقة التي كان يلقي بها الشعر كانت لها صلة قوية بهذا النوع من التكرار.

وجاء في القصيدة نفسها:

إني زعيم لئن تتركوا عذلي ... أن يسال الحي عني أهل آفاق

أن يسأل الحي عني أهل معرفة ... فلا يخبرهم عن ثابت لاق (٣)


(١) المفضليات ١: ٥ - ٨. يقول: إني إذا ضننت على خليلة بودها وجفتني وتقطعت أسباب وصلها، نجوت منها كما نجوت من بني بجليلة في تلك الليلة التي أحاطوا فيها بي وبأصحابي عند المكان المسمى بالرهط. فقد جددت في الهرب ليلتئذ عندما تصايحوا وأغروا بي سراعهم ليلحقوا بي في ذلك الموضع، الذي كان يعدو فيه صاحبي عمرو بن براق.
هذا، وقوله: ضعيف الوصل أحذاق: أي وصل ضعيف أحذاق. والحذاق والسمال والأرمال بمعنى واحد، تقول: ثوب أرمام وأسمال. وتقول: ألقيت أرواقي في العدو: أي لم أدع جدهًا. ولأقت السحابة أوراقها: أي صبت ماءها، هكذا قال الأنباري. والخبت: هو اللين من الأرض كالرمل مثلا.
(٢) يقول: لكنما عولي: أي بكائي (جمع عولة ٩ على الرجل البصير الشهم السباق إلى الغايات بين العشيرة، الذي يتزعم رفاقه، ويأمرهم وينهاهم بصوت جهير. ولست أبكي على مفارقة النساء وما هو بمجرى ذلك. هذا وقوله: هدا: أي عاليًا غليظا.
(٣) يقول: إن لم تتركوا عذلي فاني سأهجركم مليا حتى إذا أمضكم هجري جعلتم تسألون عني أهل الآفاق وأصحاب الأسفار. والذين يعرفونني، فلا يخبركم أحد منهم بموضعي. وقوله: "فلا يخبركم الخ" قد يحمل على إرادة عموم النفي وكأن معناه: فلا تجدون أحدًا لقيني فيخبركم عني.

<<  <  ج: ص:  >  >>