للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا يرى القارئ أن إعادة "على أن ليس الخ" إنما هي رنة لفظية قوية، كررها الشاعر ليصل بها الكلام، ويبالغ في جرسه. أم ليس في ورود هذا التكرار- منتحلا كان أو أصيلا- في شعر المهلهل وشعر الحارث بن عباد اليشكري حيث يقول:

قربا مربط النعامة مني ... قرباها وقربا سربالي

قربا مربط النعامة مني ... إن قتل الرجال بالشسع غال

وهو معاصر للمهلهل، ما يدل على أن هذا المنهج من التكرار كان حينئذ طريقًا مهيعًا؟

ونجد في أشعار هذيل- وهي حاوية لأوابد قليل نظيرها في غيرها من أشعار العرب أمثلة متعددة من هذا النوع من التكرار النغمي المراد به تقوية الجرس، والمذهوب به مذهبا قريبا من مذهب Refrain الإفرنجي. من ذلك قول أبي المثلم الهذلي يخاطب قرنه صخر الغي:

يا صخر ان كنت ذا بز تجمعه ... فإن حولك فتيانا لهم خلل (١)

أو كنت ذا صارم عضب مضاربه ... صافي الحديدة لا نكس ولا جبل (٢)

وسمحة من قسي النبع كاتمة ... مثل السبيكة لا ناب ولا عطل (٣)


(١) ليرجع إلى ديوان هذيل، أوروبا ودار الكتب ٢: ٢٣٠، ومنه أثبت الأبيات. البز: عنى به السيف آلة الحرب من درع وسيف. والخلل: السلاح، أصله من خلل السيوف.
(٢) العضب: القاطع. ويروي هذا البيت:
يا صخر أو كنت تثنى أن سيفك مصقول الخشيبة لا نكس ولا جبل
والنكس: الرديء. والجبل: بكسر الباء، وفتح الجيم: النابي الكز.
(٣) وسمحة بالجر معطوفة على صارم، وبالرفع مبتدأ: أي وبيدك قوس سمحة من الأقواس المصنوعة من شجر النبع. كاتمة: أي تكتم صوتها من جودتها وهي مثل السبيكة لا تنبو وليست بعطل من الزينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>