للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا صخر فالمرء يستبقي عشيرته ... قنية ذي المال وهو الحام البطل (١)

يا صخر يعلم يومًا أن مرجعه ... وادي الصديق إذا ما حلت الجلل (٢)

يا صخر ويحك لم عيرتني نفرا ... كانوا غداة صباحٍ صادقٍ قتلوا (٣)

يا صخر ثم سعي إخوانهم بهم ... سعيا حثيثًا فما طلوا ولا خملوا

بمنسر مصع يهدي أوائله ... حامي الحقيقة لا وإن ولا وكل (٤)

مشمر وله في الكف محدلة ... وأصمع نصله في الكف معتدل (٥)

يكاد يدرج درجًا أن يقلبه ... مس الأنامل صات قدحه زعل

يا صخر، وراد ماء قد تمانعه ... سوم الأراجيل حتى جمه طحل (٦)


(١) قنية ذي المال: أي كقنية ذي المال: أي كما يقتني المال ذو المال ويدخره: أي مهلا يا صخر وارفق على قومك، فإن المرء الحازم من يذخر قومه كما يدخر ذو المال المال. ويروى: فالليث يستبقي عشيرته وهو بمعناه. وفي رواية دار الكتب "تعلم" بالتاء الفوقية.
(٢) الجلل: عنى الأمور الجليلة.
(٣) يقول له: ويحك يا صخر، فيم عيرتني مقتل أصحابي الذين قتلوا ذات صباح صادق، أبلوا فيه القتال، لوم يقتلوا هاربين مدبرين. ثم إن دماءهم لم تضع هدرا، وإنما سعى إخوانهم بهم: أي في سبيل ثاراتهم سعيا حثيثا حتى أدركوها فماطلوا: أي فما أضيع دمهم ولا خملوا (وهو بمعناه) بفتح الطاء وضمها.
(٤) يقول هؤلاء الإخوان الذين أدركوا الثأر ساروا في طلبه في منسر بكسر الميم: أي في جماعة من الخيل، هذا المنسر مصع: أي جاد في السير مشمر. هذا المنسر يقوده رجل حامي الحقيقة (عنى نفسه) لا وان ضعيف، ولا وكل (بكسر الكاف) يكل الأمور إلى غيره.
(٥) ثم جعل يصف القائد، ويعني نفسه، فقال: هو مشمر وله قوس محدلة: أي مثنية متسعة (إحدال القوس انثناؤها مع اتساعها ٩ وله مع القوس سهم معتدل في الكف، له نصل أصمع: أي قوي من حديد صلب. هذا النصل يكاد يدرج درجا: أي يخرج خروجا، ويطير طيرا، ويرمي الأفئدة بمجرد مس الأنامل له. والعود الذي ركب فيه هذا النصل صات: أي ذو صوت. زعل: أي نشيط سريع حين يقذف به في الهواء.
(٦) يقول لصاحبه: يا صخر، هذا القائد الذي قاد ذلك المنسر -يعني نفسه- وراد ماء (وتقرأ وراد بالرفع لأنها ليست منادى، وإنما هي من صفة القائد. ولك أن تنصبها على المدح لا النداء) هذا الماء عزيز متناذر، قد تمانعه الرجال السائمون الذين يسومون ماشيتهم. وإنما تمانعوه خشية القتل. فلذلك تحوشي هذا المال حتى صار آجنا متغيرا ماؤه. طحل: بكسر الحاء، أي حائل اللون. يا صخر إن هذا الرجل الجريء جاء هذا الماء من غير الطريق المألوف، ومعه صارمان: قلبه، وسيفه لم يثنه خوف ولا وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>