للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجاوبه فعلا وما تعرف الوحي ... ويسمعها لحظًا وما يتكلم (١)

تجانف عن ذات اليمين كأنها ... ترق لميافارقين وترحم (٢)

ولو زحمتها بالمناكب زحمةً ... درت أي سورينا الضعيف المهدم

على كل طاوٍ تحت طاوٍ كأنه ... من الدم يسقى او من اللحم يطعم (٣)

لها في الوغي زي الفوارس فوقها ... فكل حصان دارعٌ متلثم

وما ذاك بخلا بالنفوس على القنا ... ولكن صدم الشر بالشر أحزم

فهذه الأبيات قد جمع فيها المتنبي ضروبا من البديع والتحسين، كالتقسيم، والطباق ولكن التكرار عماد الجرس وأساسه هنا ولا سيما في الأبيات الأولى خذ قوله:

فلم يخل من نصرٍ له من له يد ... ولم يخل من شكر له من له فم

ولم يخل من أسمائه عود منبرٍ ... ولم يخل دينار ولم يخل درهم

تأمل أولًا الترصيع (٤) في البيت الأول، والترصيع هو السجع في داخل حشو البيت تجد هذا الترصيع مجاريا للوزن ومقويا له، إذ السجعة تأتي عند الربع من البيت والنصف من كلا شكريهن هكذا:

فلم يخل من نصرٍ

فعولن مفاعيلن


(١) الوحي: الصوت الخفي.
(٢) تجانف: أي تتجانف: أي تميل عن ذات اليمين.
(٣) قوله "على كل طاو"- الجار والمجرور متعلق بخبر، وكل فتى الخ. والطاوي: هو الضامر. وأراد بالطاوي الأول: الفرس. وبالطاوي الثاني: الفارس. يقول: كل فتى صفته كذا وكذا على كل حصان ضامر، هذا الحصان الضامر تحت فارس ضامر، كأنه يسقى الدم ويأكل اللحم، والضمير في كأنه يعود على الحصان.
(٤) وعلماء البديع يخصون به السجع المجاري لتقطيع الوزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>