للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه ... وليت الغضى ماشي الركاب لياليا

لقد كان في أهل الغضى لودنا الغضى ... مزار ولكن الغضى ليس دانيا

فتكرار الغضى هنا من التكرار الملفوظ، لأن كلمة الغضى قد رددت فيه بعينها. والغرض من ترديدها كما ترى مقصود منه إشاعة الحنين والتشوق، وهو اللون العاطفي العام المصاحب لهذه الأبيات التي قدم بها مالك قصيدته.

ومن أمثلة التكرار الملفوظ قول النابغة:

عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار ... ماذا تحبون من نؤيٍ وأحجار (١)

أقوى وأقفر من نعمٍ وغيره ... هوج الرياح بهابي الترب موار (٢)

وقد أكون ونعمًا لاهيين معًا ... والدهر والعيش لم يهمم بإمرار

أيام تخبرني نعم وأخبرها ... ما أكتم الناس من حاجي وأسراري

فأنت ترى تكرار نعمٍ وما أراده الشاعر من تقوية النسيب وإشاعة التشوق من طريق هذا التكرار. وقد قلد ابن أبي ربيعة النابغة في تكرار نعم، في قصيدته الرائية المشهورة إذ يقول في مطلعها (٣):

أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر ... غداة غدٍ أم رائح فمهجر (٤)

تحن إلى نعٍ فلا الشمل جامع ... ولا الحبل موصول ولا أنت مقصر

ولا قرب نعمٍ إن دنت لك نافع ... ولا نأيها ولا أنت تصبر (٥)


(١) النؤى: الردم الذي يوضع أمام الخيمة ليمنع المطر.
(٢) هابي الترب: هو الذي يتطاير كالهباء. والموار: المتحرك الذي يمور هنا وهناك.
(٣) ديوانه: ٨٤.
(٤) المهجر: هو السائر نصف النهار، والرائح: هو السائر في العشي.
(٥) النأي: البعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>