للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتكرار الموضع هنا لا ينصب على لفظ بعينه، وإنما على ألفاظ مختلفة هي: فيد، ومشارق الجبلين، ومحجر إلى آخر ذلك. وهذا التكرار أريد به، كما ترى، تقوية عنصر الفراق والنوى، وتأكيد الحزن أو اليأس وما هو من هذا القبيل. وكل ذلك يقوي الصورة، ويزيد في تأثير المعنى العام، ويضفي لونً عاطفيًا حزينًا على جو القصيدة.

وكتكرار أسماء المواضع، تكرار أسماء الحبائب، كالذي تجده في معلقة امرئ القيس:

كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل

ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... تقول لك الويلات إنك مرجلي (١)

وقوله في الرائية:

له الويل إن أمسي ولا أم هاشمٍ ... قريبٌ ولا البسباسة ابنة يشكرا

هذا، والذي يحملنا على تسمية هذين النوعين من التكرار (الملفوظ كما في غضي مالك بن الريب، ونعم النابغة، والملحوظ كما في المواضع التي رددها لبيد، والأسماء التي كررها أمرؤ القيس) بالتكرار الصوري، هو أننا نرى فيه القصد إلى تقوية المعنى العام والصورة والبنية التي عليها القصيدة، أقوى من القصد إلى تقوية معنى خاص تفصيلي يرتبط ببيت واحد، أو فكرة واحدة.

خذ "نعمًا" و"أم الحويرث"، قد يجوز أن يكون أريد بهذه الأسماء أشخاص بأعينهم. وقد تكون عنيزة وأم الرباب وأم الحويرث كلهن نساء عرفهن أمرؤ القيس كما قد يكون "نعم" امرأة عرفها النابغة. ولكن صورة النسيب الواردة فيها هذه


(١) الخدر: عنى به الهودج هنا. إنك مرجلي: أي إنك قد أثقلت على بعيري فستضطرني إلى أن أنزل وأمشي برجلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>