للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحل الشاهد: يأجح وتوج ونباك وبصري، وأما اللوي وعالج، فما أكثر الشعراء استعماله من أسماء المواضع.

هذا، ومن كان من الشعراء الإسلاميين ذا مزاجٍ حضري، عمد إلى الأسماء الخفاف أمثال: "رامة، وسعدى، واللوى" وما بمجراها، فأكثر من نظمها على سبيل التلذذ والترنم، وتيسر له بذلك أن يلبس شعر ما شاء من صبغة الحنين والوجد. ولعل جريرًا كان أقدر الشعراء الإسلاميين على هذا الضرب من التكرار، خذ مثلا قوله (١):

سقى الدمي بمسبلة الغوادي ... وسلمانين مرتجزًا ركاما (٢)

سمعت حمامةً طربت بنجدٍ ... فما هجت لعشية يا حماما

مطوقة ترنم فوق غصنٍ ... إذا ما قلت مال بها استقاما

سقى الله البشام وكل أرضٍ ... من الغورين أنبتت البشاما

أحب الدور من هضبات غولٍ ... ولا أنسى ضربة والرجاما

كأنك لم تسر بجنوب قو ... ولم تعرف بناظرة الخياما

عرفت منازلًا بجماد قو .... فأسبلت الدومع بها سجاما (٣)

وسفعا في المنازل خالداتٍ ... وقد ترك الوقود بهن شاما (٤)

أظاعنةٌ جعادة لو تودع ... أحب الظاعنين ومن أقاما

فقلت لصحبتي وهم عجال ... بذي بقرٍ ألا عوجوا السلاما

صلوا كنفى العشي وشيعوني ... فإن عليكم مني ذماما (٥)


(١) ديوانه: ٥٠٣.
(٢) الأدمي: موضع بضم الهزة. بمسبلة الغوادي: أراد بالغوادي: المسبلة الهاطلة. المرتجز: هو السحاب ذو الرعد. والركام: المتراكم.
(٣) جماد: جمع جمد بضم الجيم والميم، وهو التل الصغير، أو الغليظ المرتفع من الأرض.
(٤) السفع: هي الأثافي، لأن النار تسفعها. وقد ترك الوقود بها سوادًا، فهذا قوله: وقد ترك الوقود بهن شاما.
(٥) العشي: أي هذا العشي. وأحسب أنه حذف التاء، وكان مراده هذه العشية. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>