للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطالع، من أن يزاوج بين الجناس التام أو الناقص، وأسماء المواضع الجريرية، كأن يقول:

أرامة كنت مألف كل ريم ... لو استمتعت بالأنس المقيم (٢)

وأن يقول:

سلم على الربع من سلمى بذي سلم ... عليه وسم من الأيام والقدم (١)

وليت شعري هل الأيام إلا القدم! ونحو قوله:

تجرع أسى قد أقفز الأجرع الفرد ... ودع حسي عينٍ يحتلب ماءه الوجد (٢)

إلا أن أبا تمام لم يكن يهتم بترديد هذه الأسماء. ولعلك لا تجده يذكر في نسيب القصيدة منها إلا واحدًا، ونادر جدًا أن تجد له اثنين كما في قوله:

أرأيت أي سوالف وخدود ... عنت لنا بين اللوى وزرود (٣)

وقد تنبه البحتري إلي سحر المواضع القليلة الواردة في شعر أبي تمام، وسحر المواضع الكثيرة المرددة في قصائد جرير. ونفر طبعه، كما قد نفر طبع صاحبه عن أسماء المواضع العصرية- اللهم إلا مواضع المغازي التي كان لا بد من ذكرها في معرض المدح مثل البذ وأرشق وابرشتويم. وقد كان البحتري ذا طبع مترنم، ونفس مناسب، مثل جرير. وكان يحسن الجناس ويستعذبه. فكل هذا دفعه إلى أن يكرر


(١) نفسه: ٢٠٥.
(٢) نفسه: ٩٠ - شبه العين بالحسى وهو البركة الضحلة الصغيرة. يقول: دع غدير عينك يحتلب الوجد ماءه- أي ابك ما شئت.
(٣) نفسه: ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>