للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المواضع الجريرية في نسبيه على النحو الذي كان ينحوه جرير، قاصدًا إلى إشاعة روح الحنين والشوق، عامدًا إلى التلذذ باسم الموضع نفسه وأسماء المواضع المشابهة له. خذ قوله (١):

أوقوفًا في الدار بعد الدار ... وسلوا بزينبٍ عن نوار

لا هناك الشغل الجديد بحزوى ... عن رسومٍ برامتين قفار

ما ظننت الأهواء قبلك تمحى ... في صدور العشاق محو الديار

نظرة ردت الهوى الشرق غربًا ... وأمالت نهج الدموع الجواري

رب عيشٍ لنا برامة رطبٍ ... وليالٍ فيه طوالٍ قصار

فقد تلذذ البحتري هنا كما ترى بتكرار علمين من أعلام النساء، واسمين من أسماء المواضع إن عددت "رامة" و "رامتين" شيئًا واحدًا. وأبلغ من هذا التكرار، قوله (٢):

كم بالكثيب من اعتراض كثيب ... وقوام غصن في الثياب رطيب (٣)

وبذي الأراكة من مصيفٍ لابسٍ ... نسج الرياح ومربع مهضوب (٤)

دمن لزينب قبل تشريد النوى ... من ذي الأراك بزينب ولعوب (٥)


(١) ديوان البحتري: ٢: ٢٤.
(٢) ديوانه: ١: ٥٧.
(٣) يقول: كم بالكثيب من حسناء تعترض بردف مثل الكثيف، ولها قامة كالغصن الرطيب. وقوله في الثياب قرينة مانعة من إرادة الغصن الحقيقي، ولعله "في الشباب".
(٤) وكم بذي الأراكة من موضع اصطفنا فيه، قد عفا، فهو الآن لا بس نسج الرياح، ومن موضع قد ارتبعنا فيه، غيرته الأمطار عن حاله. وقوله مهضوب: أي ممطور.
(٥) قوله النوى من ذي الأراك أي بذي الأراك، أو بلفظ آخر: نوى ذي الأراك، على الإضافة فم، هنا بمعنى والإضافة. والدمن: آثار موضع القمامة بالدار- يقول هذه دياركن لزينب قبل أن تبعد النوى زينب ولعوب عن ذي الأراك.

<<  <  ج: ص:  >  >>