للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصيدة التي استشهدنا منها بالأبيات السابقة. ذكر سبعة مواضع في نسق، أولها أرشقـ وآخرها سر من رأى، التي حدث فيها صلب بابك الخرمي.

ولا نكاد نجد من الشعراء المولدين الذين تقدموا أبا تمام، من يحرص على مثل هذا التسلسل في ذكر المواقع غير مسلم بن الوليد. وكثير من النقاد يعدونه فاتح الطريق التي انتهجها أبو تمام في أصناف الصناعة والبديع. وأحسب أبا تمام نظر شيئًا ما إلى مسلم، ولكنه اعتمد في مذهبه كل الاعتماد، على شعراء العهد الأموي. أمثال كعب بن معدان الأشعري في كلمته:

يا حفص إني عداني عنكم السفر ... وقد سهرت فآذى جفني السهر

والأخطل في كلمته:

ألا يا اسلمى يا هند هند بني بدر ... وإن كان حيانًا عدًا آخر الدهر

واعتماد أبي تمام على شعر السير والأخبار واضحٌ ولا سيما في هذه اللامية، خذ منها قوله على سبيل المثال:

ونجا ابن خائنة البعولة لو نجا ... بمهفهف الكشحين والآطال (١)

ترك الأحبة ساليًا لا ناسيًا ... عذر النسي خلاف عذر السالي

فهذه فيه إشارة بينة إلى ما ينسبونه إلى حسان من قوله يذكر هرب الحارث ابن هشام يوم بدر (٢):

ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طرة ولجام


(١) يعني بحصان سريع ضامر. والآطال: جمع إطل، بوزن إبل وضرس، وهو موضع الخاصرة من الحصان والفرس.
(٢) سيرة ابن هشام ٢: ٣٨٢ - ٣٨٥. الطمرة: هي الفرس السيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>