للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجاب الحارث بن هشام عن هذا بقوله:

تالله إني ما تركت قتالهم ... حتى علوا فرسي بأشقر مزبد

وشممت ريح الموت من تلقائهم ... وعلمت أني إن أقاتل أجهد

وعلمت أني إن أقاتل واحدًا ... أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي

ففررت عنها والأحبة فيهم ... طمعًا لهم بعقاب يوم مرصد (١)

هذا، وقد أقدم البحتري على الإكثار من التكرار، منتهجًا منهج أستاذه أبي نمام في مراعة التسلسل، وغير مشفق على فنه من ذهاب الرونق بترك الجناس والاقلال منه. ومن أجود ما جاء في شعره في هذه الطريقة قصيدته (٢):

أأفاق صب من هوى فأفيقا

وقد أشرنا إليها في الجزء الأول من كتابنا (٣). وفيها يقول، والحديث عن التغلبي الخارجي الذي أصابه أبوسعيد الثغري:

كنا نكفر من أمية عصبة ... طلبوا الخلافة فجرة وفسوقا

ونقول تيم قربت وعديها ... أمرًا بعيدًا حيث كان سحيقا (٤)

وهم فريش الأبطحين إذا انتموا ... طابوا أصولا فيهم وعروقا

حتى انبت جشم بن بكر تبتغي ... إرث النبي وتدعيه حقوقا (٥)


(١) ضم الميم من فيهم مع إشباعها أولى هنا، إذ الحارث قرشي، وهذه لغة قريش، وتميم تتبع كسرة الهاء كسرة مسبعة في الميم.
(٢) ديوانه ٢: ١٤٦.
(٣) المرشد: الجزء الأول: ٤٨ و ٢٩٤.
(٤) تيم فبيلة سيدنا أبي بكر وعدي فبيلة سيدنا عمر. والإشارة هنا إلى رأي بني هاشم من الإنكار على الصديق والفارق في تقلد الخلافة دون علي.
(٥) جشم بن بكر: من أجداد تغلب.
(٦) جعل له عباءة لأن العباءة لبسة الأعراب. وجعل ثوب خلافته مشربًا يراووق، ليشير إلى أن تغلب في الأصل نصارى أكال خنزير وشراب خمر وأصحاب راووق، والراووق: هو ما تصفى به الخمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>