للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءوا براعيهم ليتخذوا به ... عمدًا إلى قطع الطريق طريقا

طرحوا عباءته وألقوا فوقه ... ثوب الحلافة مشربًا راووقا (٦)

عقدوا عمامته برأس قناته ... ورأوه برا فاستحال عقوقا

وأقام ينفذ في الجزيرة حكمه ... ويظن وعد الكاذبين صدوقا

حتى إذا ما الحية الذكر انكفا ... من أرزن حنقا يمج حريقا

غضبان يلقى الشمس منه بهامةٍ ... تعشي العيون تألقا وبريقا

أوفى عليه فظل مندهش يعد البر بحرًا والفضاء مضيقا

غدرت أمانيه به وتمزقت ... عنه غيابة سكره تمزيقا

طلعت جيادك من ربي الجودي قد ... حملن من دفع المنون وسوقا (١)

يطلبن ثأر الله عند عصابةٍ ... خلعوا الإمام وخالفوا التوفيقا

فدعا فريقا من سيوفك حتفهم ... وشددت في عقد الحديد فريقا

ومضى ابن عمر وقد أساء بعمره ... ظنا ينزق مهرة تنزيقا

فاجتاز دجلة خائضا وكأنها ... قعب على باب الكحيل أريقا

لو خاضها عمليق أو عوج إذًا ... ما جوزت عوجا ولا عمليقا (٢)

لولا اضطراب الخوف في أحشائه ... رسب العباب به فمات غريقا

خاص الحتوف إلى الحتوف معانقا ... زجلا كفهر المنجنيق عتيقا (٣)


(١) الوسق: ضرب من المكاييل. ويعني هنا: حملن أحمالا من دفع الموت.
(٢) عمليق: أبو العمالقة الطوال، وعوج: هو ابن عناق، وكان يتناول السمكة من البحر فيشويها في الشمس، فيما زعموا.
(٣) الزجل، بكسر الجيم وفتح الزاي: هو الحصان ذو الزجل، بالتحريك: أي له دري في السير، ويسمع لصدره أزبر. وهذا الحصان صلب متماسك كحجر المنجنيق، وعتيق: منسوب جيد الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>