للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كشفوا بتل كشاف أرواقة الدجى ... عن عارضٍ ملأ البلاد بروقا (١)

نلناهم قبل الشروق بأذرع ... يهززن في كبد الظلام شروقا

حتى تركنا الهام يندب منهم ... هاما ببطن الزابيين فليقا (٢)

يا تغلب بنة تغلب حتى متى ... تردون كفرا موبقا ومروقا

ولقد نظرنا في الكتاب فلم نجد ... لمقالكم في آيةٍ تحقيقا

أو ما علمتم أن سيف محمد ... أمسى عذابا بالطغاة محيقا

لا تنتضوه بأن تروموا خطة ... عسراء تعيي الطالبين لحوقا

خلوا الخلافة إن دون لقائها ... قدرا بأخذ الظالمين خليقا

قد ردها زيد بن حصن بعدما ... مدوا عليه رداءها المشقوقا

بالنهروان وعاهدوه فأكدوا ... عقدا له بين القلوب وثيقا

ورجال طي مصلتون أمامه ... ورقا هناك من الحديد رقيقا

لم يرضها لما اجتلاها صبعة ... لم ترضه خدنا لها ورفيقا

لو واصلت أحدا سوى أصحابها ... منهم لكان لها أخا وصديقا

فالبحتري قد ذكر في هذه القصيدة نحوا من اثني عشر موضعا واثنين وعشرين علما ومع أن الأعلام والمواضع جميعها منتزعة من صميم الوصف المتسلسل الذي أراد إليه الشاعر نجد أن أثرها في تقوية صورة الملحمة الملابسة لهذا الوصف، غير خاف. ومما يحسن التنبيه عليه هنا، أن ترديد الأعلام والمواضع في معرض أوصاف الحروب كان أشبه بترديد أسماء البلدان والعلام في شعر امرئ القيس وعند قدماء الجاهلين، منه بترديدها في أشعار جرير ومتأخرة الجاهلين. أعني بهذا أن امرأ القيس


(١) كشاف على المنع من الصرف، أو تبنيها على الكسر: أي كشفوا أستار الظلام، فانجابت عن خير الخلافة العباسية العميم الذي ملأ البلاد بروقا.
(٢) الهام الأولي: أراد بها الطير الخرافية التي تخرج من رؤوس القتلى وتناري بثاراتهم. والهام الثانية: هي الرؤوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>